اليمن مهد الحضارات القديمة وأرض التاريخ

اليمن أصل الحضارة ومنبع التاريخ

أولا: نبذة تاريخية موجزة

تعتبر اليمن من أقدم مراكز الحضارة في العالم القديم، لا يعرف بالتحديد متى بدأ تاريخ اليمن القديم، لكن بعض نقوش حضارة ما بين النهرين، ذكرت (سبأ) في نص (سومري) يعود إلى حوالي 2500 ق.م، أي منذ منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد.

لقد قدرعلماء الآثار بأن الحضارة اليمنية تعود إلى ما قبل خمسة آلاف عام قبل الميلاد. وقد دلت بعض الدراسات، على بإن الحضارة اليمنية سبقت الحضارتين البابلية والفرعونية وتعايشت معهما من خلال التبادلات التجارية، وبناء السدود، والمعابد... الخ

ومن اشهر ممالك اليمن: (سبأ، حضرموت، وقتبان، معين وحمير، وذو ريدان، حميرويعود إلى الحضارة اليمنية الفضل في تطوير أحد أقدم الأبجديات في العالم المعروفة بخط المسند وهندسة السدود.

تجدر الإشارة إلى ان عدد النصوص والكتابات، والشواهد الأركيولوجية في اليمن أكثر من باقي مناطق شبه الجزيرة العربية، وقد أطلق عليها الرومان (الروم) تسمية (العربية السعيدة).

 قامت عدة دول في العهد الإسلامي أشهرها (الدولة الزيادية، والدولة اليعفرية، والامامة الزيدية، والدولة الرسولية، والدولة الطاهرية، والدولة الصليحية..)، واقواها كانت الدولة الرسولية التي امتدت من ظفار وشملت جميع أنحاء اليمن حتى مكة شمالا.
اليمن مهد الحضارات القديمة وأرض التاريخ
ثانياً: التسمية
ظهرت عدة نظريات تفسر سبب تسمية اليمن بهذا الاسم. أقدم النصوص المسندية التي تشير إلى هذا الاسم تعود إلى القرن الثالث الميلادي، وجاءت بصيغة "يمنت" أويمنة في كتابات الحِمْيَريين. كما أن العهد القديم ذكر مملكة سبأ بشكل متكرر، وأشار العهد الجديد إلى ملكة سبأ الأسطورية بملكة تيمن. 

يهود اليمن يُعرفون بالعبرية بـ (تيمانيم) وبلادهم تسمى تيمن وتعني الجنوب. في عهد الإمبراطورية الرومانية، كانت البلاد تُعرف باسم العربية السعيدة في أدبيات الرومان والإغريق. وفي الأدبيات العربية، اختلف العلماء في تحديد معنى اليمن وقدموا عدة نظريات، منها أن الاسم مشتق من اليُمن الذي يعني البركة، وهو عكس الشؤم. 

وهناك من قال إن اليمن سمّيت كذلك لأنها تقع على يمين الكعبة، حيث اعتبر الجغرافيون المسلمون مكة نقطة مرجعية. وقيل أيضًا إن الاسم يعود إلى يمن بن قحطان. وذكر البعض أن قحطان هو أبو اليمن، بل وقالوا إن قحطان نفسه يُدعى يمن. وهناك نظرية تقول إن كل العرب كانوا في مكة، وانتقل بعضهم إلى الجنوب، فسميت اليمن نسبة إلى هذا الانتقال.

ومثل هذه الروايات شائعة بين أهل الأخبار، ولكن الشواهد الأثرية والكتابات الكلاسيكية لا تذكر قحطان أو مكة والكعبة. وقحطان هذا مستمد من الشخصية التوراتية يقطان الذي يذكر العهد القديم أنه والد سبأ وحضرموت. 

والرأي الغالب هو أن الاسم مأخوذ من كلمة(يمنت) في نصوص المسند. وفقًا لجغرافيي العصور الوسطى، اليمن هو إقليم من أقاليم الجزيرة العربية، يمتد من تثليث ويبرين إلى صنعاء والمناطق المحيطة بها. وأقصى حدود اليمن هي حضرموت، وعاصمتها صنعاء.
اليمن مهد الحضارات القديمة وأرض التاريخ
اليمن مهد الحضارات القديمة وأرض التاريخ

الحضارات اليمنية القديمة

تشير المكتشفات الأثرية في اليمن إلى استيطان الإنسان في هذه المنطقة منذ العصر الحجري الأول قبل أكثر من ربع مليون سنة. تُظهِر الأدوات الحجرية المبكرة صلات بشرية بين اليمن وشرقي إفريقيا عبر جسور أرضية في منطقة باب المندب. 

تطورت الأدوات الحجرية في اليمن من الفؤوس اليدوية إلى المقاشط والسكاكين ورؤوس السهام خلال العصر الحجري القديم وأوائل العصر الحجري الحديث. لكن اليمن لم تشهد ظهور الزراعة والتدجين المبكر كما حدث في بلاد الرافدين وبلاد الشام، حيث تأخرت الزراعة وبناء القرى حتى مطلع الألف الثالث قبل الميلاد، ومشاريع الري حتى أواخر الألف الثاني قبل الميلاد.
اليمن مهد الحضارات القديمة وأرض التاريخ

يجمع الباحثون على أن بداية الحضارة اليمنية القديمة تعود للنصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد، وظهرت من خلال مشاريع الري الواسعة، خاصة في وديان بيحان وحضرموت. أدت أعمال الري إلى تشكيل تنظيمات اجتماعية ودينية وسياسية، حيث ظهرت زعامات محلية ومشيخات صغيرة، تطورت إلى سلطات دينية-دنيوية ممثلة بالمكاربة، الكهنة والعظماء، الذين جمعوا بين السلطة الدينية والدنيوية. 

تحول المكرب مع مرور الوقت إلى ملك يملك السلطة المطلقة، مستفيدًا من التجارة المربحة للبخور والطيب.شهدت اليمن قيام ست دول رئيسية خلال ألف وخمسمائة سنة، منها دولة سبأ التي بدأت في القرن العاشر قبل الميلاد وانتهت في القرن الثالث الميلادي. كانت عاصمتها الأولى صرواح، ثم أصبحت مأرب، حيث شُيد سد مأرب الشهير في القرن السابع قبل الميلاد. 

أيضًا، برزت دولة حضرموت خلال القرن العاشر قبل الميلاد واستمرت حتى القرن الثالث الميلادي، وكانت تتميز بنشاطها التجاري الواسع، خاصة في تصدير البخور. دولة قتبان التي ظهرت في القرن الثامن قبل الميلاد، واتخذت من مدينة تمنع عاصمة لها.

اشتهرت بنشاطها التجاري وقانونها التجاري المنظم. ضمت حضرموت دولة قتبان إليها في عام 210م. دولة معين برزت في القرن الثامن قبل الميلاد في منطقة الجوف، وكانت لها دور تجاري بارز. اختفت معين في القرن الثاني قبل الميلاد عندما ضمتها دولة سبأ. دولة أوسان ظهرت في القرن السابع قبل الميلاد، ولكنها لم تدم طويلاً، إذ قضى عليها تحالف سبأ وحضرموت وقتبان في عام 410 قبل الميلاد.

في القرن الثالث الميلادي، وحدت قبيلة حمير بقيادة ياسر يهنعم وابنه شمر يهرعش اليمن بدولة مركزية واحدة، اتخذت من ظفار عاصمة لها. في القرن الخامس الميلادي، ضمت الدولة المناطق الشمالية حتى وسط شبه الجزيرة العربية. انتهت الدولة اليمنية المركزية بسبب الغزو الأجنبي من الأحباش والفرس، حتى جاء التحرير العربي الإسلامي في أواخر حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

أبرزمظاهرالحضارة اليمنية

الحضارة اليمنية قامت على أساس اقتصادي قوي يتضمن تجارة دولية مزدهرة وموارد زراعية مستندة إلى نظام ري متقن. كانت العطور اليمنية مشهورة في أنحاء العالم القديم حيث كانت تُصدر إلى بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر واليونان وروما. كما كان اليمن مركزاً تجارياً مهماً بسبب موقعه الجغرافي المتميز.

إعتمدت الزراعة في اليمن على الري وتنظيم المياه وبناء السدود، مثل سد مأرب الذي شيدته الدولة السبئية في القرن السابع قبل الميلاد. استخدم اليمنيون الحجارة والجرانيت بشكل واسع في البناء، خاصة في المعابد والمدافن والقصور والقلاع. كانت المعابد والمباني تزين بفصوص من الذهب ومعادن أخرى.
منحوتات يمنية
فن النحت في اليمن كان بسيطًا مقارنة بالعمارة، وكان يشمل تماثيل صغيرة لأشخاص وحيوانات، مثل الجمل الموجود الآن في المتحف البريطاني. أنتج اليمنيون قطعاً فنية صغيرة مثل الكؤوس والأوعية الذهبية والفضية، وكانت لهم مهارة في صناعة الحلي والنقود.

كانت للآلهة مكانة مهمة في معتقدات اليمنيين القدامى، حيث عبدوا ثالوثًا كونيًا يتكون من إله نجمة الصباح والقمر والشمس، إلى جانب آلهة أخرى خاصة بالأماكن أو القبائل. جميع منجزات اليمنيين العمرانية والقانونية كانت توضع تحت رعاية الآلهة.

كتب اليمنيون بأبجدية مكونة من 29 حرفاً، على غرار الأبجدية العربية الشمالية، وكانت نصوصهم تكتب من اليسار إلى اليمين. النصوص المكتشفة ألقت الضوء على معتقداتهم وآلهتهم والنظم الإدارية والسياسية.

تحدث سكان اليمن القدماء بلغة تتصل بمجموعة اللغات السامية، ولها تشابه كبير مع الأكدية، لغة العراق القديم، والعربية الشمالية. تفرعت عن اللغة العربية الجنوبية أربع لهجات، ولا تزال بعض المناطق تتحدث بلهجات منها اليوم. النصوص اليمنية القديمة، المحفوظة بأبجدية الخط المسند، توفر فهماً عميقاً تاريخ اليمن وحضارته.

مراحل غزو العثمانيين لليمن

المرحلة الاولى: (1538م - 1634 م) وهي فترة (إيالة اليمن)، كانت سلطة الدولة العثمانية الحقيقية محصورة في (زبيد)، و(المخاء) طيلة فترة وجودهم.

وفي هذه الاثناء بسطوا سيطرتهم على (عدن) وسائر (تهامة)، واتخذوا من (زبيد) مقراً إدارياً لحكمهم، أما المرتفعات الشمالية، فلم تكن مستقرة حيث تعرض العثمانيون لمقاومة شديدة من الأئمة والقبائل، وكان سبب تواجد العثمانيين حينئذ في المنطقة هو مواجهة البرتغاليين والتحكم في الحركة التجارية في المنطقة.

تمكن (الإمام المؤيد بالله) الذي خلف والده المؤسس للدولة القاسمية (الإمام المنصور بالله القاسم) عام 1620م من توطيد أركان (الدولة القاسمية) القوية، واستعادة (زبيد) مقر السلطة العثمانية عام 1634م واعطاهم فرصة للانسحاب سلمياً من (المخاء) آخر معاقل العثمانيين، وبالتالي، انتهت (ايالة العثمانيين) لليمن.

وبدعم من القبائل، تمكن الإمام/ المؤيد أن يوطد أركان (الدولة القاسمية) ويوسع نفوذه شمالا إلى صبيا، ونجران، والى مناطق الجنوب، وقد حاول العثمانيون ضم (صنعاء) للمرة الأولى عام 1849م، لكنهم تعرضوا لخسائر كبيرة، فبقوا مسيطرين على مدن في(تهامة)، وكان الهدف الأساس من تواجدهم في هذه المنطقة هو مواجهة او منافسة الاستعمار البريطاني بعد احتلال بريطانيا (عدن) عام (1839م) ومن ثم زادت اهمية المنطقة بعد افتتاح قناة السويس عام 1869م انتهى حكم الدولة القاسمية عام 1872م."

المرحلة الثانية: وهي فترة ولاية اليمن التي امتدت (1872- 1918م) خلال الفترة (1904- 1911م) تعرض الجيش العثماني إلى خسائر أمام جيش الإمام/ يحيى بن حميد الدين وعقدت (هدنة) بينه والعثمانيين، لكنهم لم يرحلوا كليا من اليمن، وقد نص الاتفاق على أن يحكم (الإمام) المرتفعات الشمالية حكماً ذاتيا، وان يبقى العثمانيون في المناطق الوسطى وفي المنطقة الساحلية.

في عام (1918م) تم هزيمة الدولة العثمانية وألمانيا، والنمسا، وبلغاريا، وهنغاريا - الخ في الحرب العالمية الاولى امام الحلفاء في مقدمتهم: بريطانيا، فرنسا، اللتان شرعتا بتقسيم أملاك الدولة العثمانية في المنطقة بموجب اتفاقية (سايكس - بيكو عام 1916م) بموافقة روسيا، وايطاليا.

وعند انسحاب الدولة العثمانية من المنطقة قامت (المملكة المتوكلية اليمنية) عام 1918م تحت حكم الإمام يحيى حميد الدين الذي خاض في سنوات لاحقة عدة حروب معالأدارسة وآل سعود في منطقة نجران، وعسير، وجيزان، وتهامة والحديدة، حتى الدريهمي لاستعادة هذه المنطقة كجزء من الارض اليمنية وذلك خلال الفترة (1924م- 1934م).

وكانت آخر حرب بين (السعودية) و(اليمن) في (نجران) خلال الفترة مارس/ ابريل 1934م، حيث انسحب الجيش اليمني بعد سيطرته على (نجران)، بناء على اوامر الامام/ يحيى وبالتالي، سيطر الجيش السعودي على (نجران). عقب ذلك تم إبرام (معاهدة الطائف) في 19 مايو 1934 بين البلدين.

العمارة والفن في الحضارة اليمنية القديمة

براعة اليمنيين في العمارة
الحضارة اليمنية القديمة عكست براعة الإنسان في هندسة البناء والعمارة والسدود وكافة المجالات الأخرى.
تأثرالرحالة والكتاب والشعراء بروعة العمارة اليمنية.
المواد المستخدمة في البناء

الحجارة كانت المادة الأساسية لبناء البيوت، باستثناء المناطق الساحلية التي استخدمت الطوب.استخدام الصخور والطين والأسفلت أو زلتن (الزلت) في البناء، ومادة النورة للجدران.

الهياكل المعمارية

المباني كانت تتكون من ثلاث إلى خمسة طوابق غالبًا، مع استثناءات لقصور الملوك.
النوافذ كانت تصنع من الزجاج الملون وتعرف بـ"مصبح"، والسقف يسمى ظلل ومسقف.
الأبراج والقلاع والحصون عرفت باسم "محفدن" (المحفد) وبنيت باستخدام حجر البلق القديم، وكانت محاطة بخنادق.

النقوش والكتابات

عادة نقش اسم البناء أومالك المبنى مع ذكر اسم الإله على شاهد يوضع أمام البيت أوالمعبد.
الكثير من معرفتنا بتاريخ اليمن القديم جاء من هذه النقوش.

تصميم المدن والمباني

بناء المنازل والقرى على المرتفعات الجبلية لحمايتهم من غارات البدو، والتمتع بلطافة الجو،وتجنب مخاطر السيول. تشييد القصور على شكل قلاع حصينة، مثل قصور نبلاء العصور الوسطى في أوروبا. كل مدينة كانت تحتوي على قصر أو أكثر، ومعابد فخمة بالإضافة إلى منازل السكان.

استمرارية الطراز المعماري

الطراز المعماري في اليمن القديم مشابه للطراز الحالي في صنعاء القديمة.بعض المباني القديمة هدمت وأعيد استخدام حجارتها في بناء بيوت جديدة.وجود كتابات بخط المسند على الجدران العليا للبيوت في صنعاء يدل على أن البيوت قد تعود للتاريخ القديم أو أن حجارة المباني القديمة استخدمت لبناء بيوت جديدة.المدن التاريخية والتراث الثقافي

اليمن مهد الحضارات القديمة وأرض التاريخ
اليمن مهد الحضارات القديمة وأرض التاريخ

المدن اليمنية في ضوء التاريخ والحضارة

محافظة أبين 
تحفة معمارية حديثة لأندر تحف التاريخ تعد محافظة أبين مستودعًا للعديد من الآثار والمخطوطات اليمنية القديمة التي تعود إلى فترات تاريخية مختلفة. نظراً لغناها بالتراث الأثري، قامت الهيئة العامة للآثار والمتاحف بالتعاون مع فرعها في أبين ببناء متحف لعرض تلك الكنوز التي اكتشفت خلال السنوات الماضية من الوحدة اليمنية.

هذا المتحف، الذي تم بناؤه بتصميم معماري فريد، يعكس الطابع الجمالي للعمارة اليمنية. بلغت تكلفة بنائه حوالي 28 مليون ريال، وهو الآن جاهز للافتتاح خلال احتفالات البلاد بالعيد الخامس عشر للوحدة اليمنية. يتألف المتحف من أربع صالات كبيرة وإدارة وبدروم يحتوي على مختبر لترميم القطع الأثرية القديمة.

من أبرز القطع الأثرية في المتحف مسرجة برونزية نادرة توجد مشابهتها فقط في المتحف البريطاني، بالإضافة إلى مخطوطات قديمة مكتوبة بخط المسند وخطوط أخرى من عصور ما قبل الإسلام. كما يحتوي المتحف على جرة فخارية تعود للقرنين الأول والثاني الميلاديين.
وُجدت ضمن الآثار الجنائزية المكتشفة حديثًا في أبين، إلى جانب عقود مختلفة من الأحجار الكريمة التي تعود للقرنين الأول والثاني الميلاديين، وُجدت ضمن الأثاث الجنائزي المستخرج من موقع "الحصمة".
محافظة الجوف
جوهرة مشرق اليمن

تقع محافظة الجوف شمال شرق العاصمة صنعاء، وتبلغ مسافتها حوالي 170 كم. حسب تعداد 1994، يبلغ عدد سكان الجوف حوالي 169,440 نسمة، وتتنوع تضاريسها بين المرتفعات الجبلية والسهول الخصبة والمناطق الصحراوية. تتكون المحافظة من 12 مديرية وهي: الحزم، الغيل، المتون، الزاهر، خراب، المراشي، برط العنان، الخلق، المصلوب، المطمة، الحميدات، رجوزة، و خب والشعف.

نبذة تاريخية

على ضفاف وادي الجوف قامت حضارة الدولة المعينية التي برع أهلها في فنون العمارة والزراعة والصناعة والتجارة. شيدوا المدن والمعابر المزخرفة بأعمدة جرانيتية، وامتد نفوذهم إلى شمال الجزيرة العربية، وتحدثت عن مآثرهم النقوش اليمنية القديمة والنقوش الفرعونية المكتشفة في مصر. احتفظت الجوف بالكثير من المدن والمواقع الأثرية التي تجسد عظمة الحضارة المعينية القديمة.

المواقع التاريخية والأثرية

تحتضن الجوف أكثر من 43 موقعًا أثريًا يعود للدولة المعينية، من بينها:
مدينة معين: تقع جنوب شرق مدينة الحزم، تحتفظ بمعالمها الأثرية مثل الأبراج والسور الحجري والمعبد.
مدينة براقش: تقع جنوب مديرية الخلق، و تشتهر بمعابدها وأسوارها المحصنة.
معبد بنات عاد: يتكون من أعمدة ورسوم ونقوش تمثل نباتات وشخصيات نسائية.
مدينة يثل: المنشأ الأول للدولة المعينية وعاصمتها الدينية.
مدينة السوداء: كانت عاصمة المعينيين وتعرف باحجارها السوداء.
مدينة البيضاء
أثرية تتمتع بفن معماري فريد.
المساجد التاريخية
تشكل المساجد القديمة في الجوف معالم أثرية بارزة، مثل:
مسجد يحيى بن حمزة: يقع في مديرية الزاهر ويعود تاريخه إلى مئات السنين.
الجامع الكبير في مدينة الحزم، تأسس عام 250 هـ وأعيد بناؤه وتجديده في 1982 م.
جامع معين: يعود تاريخه إلى عام 420 هـ.
مسجد براقش: بناه الإمام عبد الله بن حمزة في القرن الخامس الهجري.
مدينة مأرب

مدينة مأرب،عاصمة المحافظة، تشتمل على العديد من المعالم التاريخية التي تبرز عظمتها 
من أبرز معالم المدينة

  • سد مأرب القديم والجديد، الذي يعد من عجائب الهندسة القديمة.
  • شبكة قنوات الري التي كانت تستخدم لري الأراضي.
  • عرش بلقيس، الأسطورة الملكية الشهيرة.
  • معبد بران ومعبد أوام، الموقعين اللذين يرمزان إلى البعد الديني والثقافي للمدينة.
  • الكنائس والجدران القديمة التي تعكس تاريخاً طويلاً.
  • البئر القديمة وجبل البلق الجنوبي، وكذلك مستوطنة صوانا، التي تعكس التراث الغني للمنطقة.

مديرية رغوان تتضمن:

وادي رغوان، والاساحل “عررتم”. ضربة سعود ومدينة الأريب، التي تحمل طابعاً تاريخياً مميزاً.

مديرية مجزر تشتهر بـ:
مدينة براقش، والمواضع التاريخية مثل درب الصبي ومعبد الإله نكرح.
معبد الأحقاف وحصن خضران، إضافة إلى ضربة اللسان ومنصة المقفز.
مديرية صرواح هي موطن لـ:
مدينة صرواح، مع معبد أوعال صرواح، ونقش النصر، وقصر الملكة بلقيس.
المخدرة، التي تمثل جزءاً من تاريخ المدينة العريق.
مديرية الجوبة تحتوي على وادي الجوب ،وهجر الإيحاني ، وهجر الثمرة.
دار الظافر، ووادي يلا وشعب العقل، إضافة إلى الجفنة والدريب يلا أو مدينة جفري، والمساجد وقرية الجديدة.

مديرية حريب تضم:

صنو الزرير.
صرواح: منتزه بلقيس الصيفي
يصف أهل صرواح مدينتهم باعتزاز على أنها كانت متنزه الملكة بلقيس ملكة سبأ، المشهورة بفضل القرآن الكريم. المدينة، التي تقع على بُعد 30 كيلومتراً غرب مأرب، تفتخر بوجود قصر على تلة مشرفة. 

رغم صغر حجمها مقارنة بمدن سبأ الأخرى، فإنها كانت تعتبر مكاناً مخصصاً للصيد. كانت صرواح بمثابة استراحة صيد، وذلك بفضل مصيدة تقع بين صرواح وجبل هيلان. تاريخياً، لم تكن صرواح مركزاً للحكم بل كانت تمتاز بموقعها الفريد كمكان للصيد، ويؤكد المؤرخون أن الاكتشافات الأثرية فيها لا تزال في بداياتها.

نقش النصر

يعتبر نقش النصر في صرواح من أهم النقوش اليمنية القديمة، ويعود تاريخه إلى حوالي 750 قبل الميلاد. يتألف النقش من 20 سطراً على كتلة حجرية جرانيتية كبيرة، ويتحدث عن إنجازات الملك السبئي كرب أنيل وتر بن ذمر. يتضمن النقش تفاصيل عن توحيد اليمن ومد نفوذ الدولة السبئية إلى الساحل الشرقي لأفريقيا.

لغز بلقيس

في صرواح، على الطريق الإسفلتي، تجد لافتة تشير إلى قصر الملكة بلقيس. ولكن لا يعرف أحد من أهل صرواح إذا كانت بلقيس قد عادت إلى هذا القصر بعد زيارتها لنبي الله سليمان عليه السلام في فلسطين. القصة معروفة، لكن النهاية تظل غامضة.
 مدينة تعز

قلعة القاهرة: استعادة أمجاد الماضي
تقع قلعة القاهرة على قمة جبل صبر، على ارتفاع صخري يطل على مدينة تعز. في البداية، كان يُطلق عليها اسم "تعز"، ثم تغير اسمها إلى "القاهرة". تعود أصولها إلى فترة الدولة الصليحية (436-532هـ)، وقد أنشأها السلطان عبد الله بن محمد الصليحي، مؤسس الدولة الصليحية.

تتكون القلعة من الطريق المؤدي إلى بوابتها الرئيسية وسور القلعة، الذي يحتوي على مجموعة من المباني التي كانت في السابق قصوراً وملحقاتها، حيث سكنها الصليحيون ثم الرسوليون، ثم أصبحت مقرّاً للملك المظفر يوسف بن عمر بن علي رسولي. تعاقبت عليها الدول حتى قيام الثورة اليمنية.

بناءً على الدراسات التاريخية، يُعتقد أن تاريخ بناء القلعة يعود إلى فترة الدولة الصليحية. لكن أعمال الترميم الأخيرة كشفت عن أدلة جديدة تشير إلى أن تاريخ القلعة يعود إلى فترة أقدم بكثير، تحديداً إلى عهد الدولة السبئية قبل الإسلام. 

وهذا استند إلى اكتشافات أثرية، مثل الأعمدة التي لا تزال قائمة ومذبح قديم، الذي قد يكون بداية لمعبد سبئي. كما أكد الباحثون وجود ارتباط بين اسم مجمع سكني قديم "ذوعدينة" ولفظ "ذو" الذي يُستخدم في تلك الفترة الزمنية القديمة.

مهمة إنقاذية

تُعتبر عملية ترميم القلعة عملية إنقاذية جريئة، حيث كانت القلعة تعاني من تدهور كبير، مما جعلها مصدر قلق للسكان الذين كانوا يخشون انهيارها. خلال العقود الماضية، تعرضت القلعة لتهدم أسوارها وجدرانها، وكان الوضع مشابهًا للمنشآت الداخلية التي عانت من عدم الصيانة والترميم.

وبدأت جهود الترميم الفعلية في عام 2001م، وهو تاريخ لا يُنسى لأبناء المدينة، حيث شكّل بداية مرحلة جديدة في إعادة القلعة إلى مجدها السابق. تم اتخاذ قرار الترميم من قبل قيادة محافظة تعز والمجلس المحلي، مع مشاركة مكتب الآثار في ترميم القصر الرئيسي والمناطق المحيطة به، بينما تم تخصيص نفقات إعادة بناء السور إلى المجلس المحلي.

إصرار ونجاح

كانت عملية الترميم معقدة، حيث واجهت الفرق تحديات كبيرة بسبب انهيار العديد من المعالم واختفاء المواد الأساسية. لذلك، كان من الضروري إجراء دراسة دقيقة للترميم واستخدام مواد مطابقة للأصل. 

بلغت تكلفة مشروع الترميم أكثر من 800 مليون ريال، منها 300 مليون ريال لترميم القصر الرئيسي وسوره والبرك المائية، و70% من المشروع قد تم إنجازه. السور الحديث الذي أقيم على امتداد كبير وبارتفاعات عالية كلف نحو 575 مليون ريال، وتقدّر نسبة إنجازه بـ 80%.

اليوم، أصبحت قلعة القاهرة ليست مجرد معلم تاريخي، بل أيضاً وجهة سياحية رائعة تجذب الزوار من مختلف الأماكن. وتستمر جهود الترميم في إضفاء لمسات جمالية ومعمارية على المكان، مما يجعله متنفّساً بديعاً ومعلماً جذاباً للأسر والأطفال.

محافظة المهرة

السكان

يبلغ عدد سكان محافظة المهرة حسب تعداد 2004 حوالي 89 ألف نسمة.
المناخ
يسود محافظة المهرة المناخ المداري الجاف، باستثناء مديرية حوف التي تشهد أمطاراً منتظمة من يونيو حتى سبتمبر. تتراوح درجات الحرارة من 18 إلى 33 درجة مئوية، بفضل الرياح الموسمية التي تلطف الهواء.

التضاريس

تنقسم تضاريس محافظة المهرة إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
  • السهل الساحلي الجنوبي: يمتد من حدود المحافظة مع حضرموت غرباً إلى حدود سلطنة عمان شرقاً بطول حوالي 550 كم، ويعتمد عليه معظم سكان المحافظة.
  • الهضبة الجبلية الوسطى: تتكون من سلاسل جبلية ووديان، منها جبل الحبشة، وجبل الفرت، وسلسلة جبال بني كشيت.
  • الصحراء الشمالية: جزء من صحراء الربع الخالي، وتضم عروق الموارد ورملة أم غارب، وتعتبر منطقة صحراء مترامية الأطراف.

الصناعة الحرفية

تتمركز الصناعات الحرفية في المناطق الداخلية من المحافظة، وخصوصاً في مديريتي قشن وسيحوت، مثل الأواني الفخارية وصناعات سعف النخيل.

التقسيم الإداري

تضم محافظة المهرة تسع مديريات: الغيظة (العاصمة)، سيحوت، حوف، شحن، حات، قشن، المسيلة، حصوين.

المستوطنات التاريخية
تحتوي المحافظة على مستوطنات تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، منها مستوطنات العصر الحجري القديم في وادي الجزع، ومستوطنة العصر البرونزي بالقرب من الغيظة، ومستوطنات العصر الحديدي في عدة مواقع.
 الغيظة

تُعتبر الغيظة العاصمة المدنية لمحافظة المهرة بفضل موقعها المركزي في منطقة المهرة. وقد مر بها الرحالة بطليموس في العام 203 ق.م، وذكر خور جربون كموقع لمستوطنة أثرية تُعرف بمدينة "السبعة" المساجد، التي يُطلق عليها اليوم اسم "كدمة أيروب"، وتقع على بُعد حوالي 23 كيلومترًا شرق الغيظة. 

وقد أشار المؤرخ بلفقية إلى أن كدمة أيروب قد أُحرقت على يد دولة "أوسان" بسبب رفضهم دفع الضرائب، بينما يُفترض أنها دُمّرت أيضًا على يد البرتغاليين خلال حملة "ليو كويرك" في القرن السادس عشر. ومن الغرب، تقع جيروت، التي تُعرف الآن بـ"هروت"، والتي ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان كعاصمة سابقة للأمير "شخراء" الذي رفض دفع الزكاة.

قشن

كانت قشن العاصمة الأولى للمهرة وسقطرى ومقرًا إداريًا للدولة منذ حوالي عام 1507م. المدينة قديمة وعريقة، وذُكرت لأول مرة من قبل الرحالة والمستشرق النمساوي "خائم" الذي أطلق عليها اسم "حائين" حيث أمضى فترة طويلة في دراسات حول اللغة المهرية وعادات المجتمع. 
قشن هي أولى وجهات بعثات الآثار والدراسات الاجتماعية التي وصلت إلى اليمن عام 1805م، وكان يرعاها المستشرق وقاضي المهرة الأول بن موسى بن باعبده. وصفها بأنها منطقة زراعية كبيرة في واديها، مشيرًا إلى تصدير القطن إلى صنعاء. كما أنها تحتوي على مستوطنات أثرية مثل "شيعوت" و"صلولت" و"ليبن" المذكورة في معجم البلدان، بالإضافة إلى السوق القديم قحور سنجرة. 

تعيش في قشن قبائل مثل آل عفرار، بيت جيدح، الحراوز، آل الزويدي، بيت مسمار، بيت سهيل، وبيوت من قبيلة آل القميري وبيت رعفيت، وقبائل أخرى.

سيحوت

تُعرف سيحوت أيضًا باسم حيرج القديمة، وقد ذُكرت في النصوص التاريخية كموقع إمارة عاصرت فترة الجاهلية والإسلام. حيرج الحالية هي مستوطنة أثرية تحتوي على حصون الكافر والبنياني. كما أن سيحوت كانت معروفة للملاحين في الخرائط البحرية القديمة. وفقًا للمؤرخ محمد عبد القادر بامطرف.

بعد ضعف شأن الرسولين في شمال اليمن، هاجم الأمير المهري محمد بن سعيد بن فارس الكندي، المعروف بـ"أبو دجانة"، الشحر وانتزعها منهم في سنة 836هـ. ثم حول مركز إمارته من حيرج إلى سيحوت، بدعم من أبناء الشحر والمهرة، بما فيهم التجار والفقهاء والملاحون والحكام.

تسكن سيحوت قبائل مثل بيت زياد، بيت زعبنوت، الحرواز، بيت سهول، بيت مسمار، بيت عرشي، بيت الغقيد، بيت محامد، وبيت رحيم، بالإضافة إلى السادة والمشايخ.

دمقوت

تُعد دمقوت من أقدم المناطق في مديرية حوف، وقد احتفظت بالاسم ذاته منذ الجاهلية والإسلام. تُعرف أيضًا باسم "ميناء الازوند"، نسبة إلى قبيلة الأزد التي نزحت من مأرب إلى بلاد المهرة وعمان في عام 622 ميلادية. وذُكرت في عام 1875 على لسان الكاتب الإنجليزي "س.ب. مايلز". 

دمقوت قرية تتكون من حوالي مائة كوخ، وتقع على أحد الجروف وتسمى حاليًا "شيرق". يُستمد الماء في دمقوت من نهر، لكنه ليس عذبًا في الجزء السفلي.

اصطحبني "أنسون" إلى الشاطئ، حيث وجدنا نائبه رجلاً هرماً، وأخبرنا أنه يتذكر زوارق "ينوروس" التي كانت تقوم بمسح الساحل، لكنه لم يشاهد سفينة في دمقوت بعد ذلك. وقد سلمني قائمة بأسماء قبائل المهرة التي قام بمسحها "اسكندر سيدوف"، أحد خبراء الآثار الروس، وأكد أنها تعود إلى فترة قديمة.

وفقًا للمؤرخ بلفقية، كانت دمقوت ميناء قديمًا ومن إحدى محطات تصدير اللبان من خاروري في سلطنة عمان إلى دمقوت ثم إلى ميناء قنا في حضرموت. تقع دمقوت بين جبلين في مشارف وادي سيق، ولا يزال بها نهر جزئي عذب يستخدم للشرب، بينما يكون الجزء الأسفل مالحًا. تحتوي المنطقة أيضًا على كتابات سبئية وأشجار اللبان.

تسكن دمقوت قبيلة القمر "آل القميري" وبيت قرهاف وبيت بالحاف وبيت مهومد. وتبعد دمقوت عن الغيظة حوالي 94 كيلومترًا شرقًا.

حبروت

ذُكرت حبروت في كتاب ياقوت الحموي، باسمها القديم الذي استمر بعد الإسلام، وكانت معروفة بأنها ارتدت عن دفع الزكاة. تحتوي حبروت على وادي حبروت الذي يشرف على وادٍ كبير فيه ينبوع ماء جارٍ. تضم حبروت مستوطنات أثرية مثل وادي ضوكوت، وكتابات ونقوش في الوديان الأخرى والمغارات. 

تشير الدراسات الأثرية إلى أن الإنسان استقر في هذا الوادي منذ حوالي ألفي سنة قبل الميلاد، وفقًا لدراسات المستشرقين الروس "فيتالي فاومكين" وأمير "خانون" وميخائيل بتروفسكي.

تعد حبروت مقرًا إداريًا حديثًا في قرية فوجيت، وهي أكبر وديانها، وادي شحن، الذي يعتبر البوابة الشرقية لليمن للتبادل التجاري مع سلطنة عمان والإمارات. تبعد حبروت عن الغيظة حوالي 300 كيلومتر، وتسكن صحراء حبروت قبائل مثل آل زعبنوت، الحرواز، بني همدان، وقبائل المهرة الأخرى.
منعر والدبين ومرعيت
منعر هي قرية تاريخية قديمة تحتوي على قصور مهدمة على قمم محيطة بها، وتبعد عن الغيظة حوالي 100 كيلومتر. بها نهر جارٍ في الوادي يُستخدم للزراعة.

الدبين هي قرية أخرى تقع على الوادي المتصل بمنعر، وتحتوي على غار عاد وحصن قديم يُعرف بالنمر. تليها مرعيت، التي ذكرت في كتاب ياقوت الحموي بدورها في عدم دفع الزكاة. كانت تُعرف قبل الإسلام باسم "ينعب" ثم "مرعيت" حاليًا. 

مرت هذه القرى ببعثة أمريكية بقيادة المستشرق "يونيس" الذي وصفها بأنها عاصرت الجاهلية ولها تاريخ قديم. تسكنها قبيلة الكثير بني همدان وقبائل المهرة الأخرى. توجد منطقة زراعية مع نهر متواصل من منعر إلى مرعيت، والتي تبعد عن الغيظة 80 كيلومترًا.

ضبوت

تقع ضبوت على ميناء خلفوت القديم، الذي يُقال إنه كان يُصدر اللبان إلى سقطرى وميناء قنا في حضرموت. وقد ذكر المستشرق الروسي سيرجي نشطون أنها كانت مركزًا مهمًا، وأن القرى الغربية والشرقية من الغيظة أقدم من الغيظة الحالية.

الآثار المكتشفة حديثًا

تشمل الآثار المكتشفة مؤخرًا جزءًا من سلسلة جبال القمر المشهورة بإنتاج اللبان منذ مطلع الألف الأول قبل الميلاد. من بين المواقع التاريخية الهامة:

  • مستوطنة دمقوت: تقع إلى الشرق من مدينة الغيظة على بُعد حوالي 84 كيلومترًا. ذُكرت في نقش عبدان الكبير باسم "د م ق ت". كانت إحدى المراكز التي تجمع محصول اللبان. تحتوي المنطقة على أشجار الصبر وأنواع نباتية طبية معروفة.
  • ميناء خور الأوزن: يُظهر الخرائب وجود حوض طبيعي لرسو السفن، ويُحتمل أنه كان يستخدم لتصدير اللبان من مدينة دمقوت.
  • جبال حيطوم: تحتوي على رسوم صخرية تعود إلى العصر البرونزي، وكهوف ومغارات كانت تُستخدم كمأوى وحفظ الطعام. تشتهر بأشجار اللبان والصبر.
  • جبل مرارة: يقع بين دمقوت وجادب وحوف، ويشتهر بعيون المياه الغزيرة التي تنبع من قمة الجبل، وتغطي احتياجات سكان المناطق المجاورة بالمياه. توجد عيون مياه كبريتية حارة على الجهة الشرقية من الجبل، تُعرف محليًا بـ"حمو حرق"، وتعد نقطة مميزة على الطريق إلى جادب.

 محافظة الضالع

مدينة دمت الساحرة

تُعد مدينة دمت من أبرز المدن السياحية في اليمن، بفضل مياهها الحارة التي تستخدم في علاج العديد من الأمراض. وقد تم إعلانها كمنطقة سياحية علاجية في العام الماضي من قِبل رئيس مجلس الوزراء. 

تشتهر المدينة أيضاً بمناظرها الطبيعية الخلابة نظراً لقربها من وادي بنا الذي يمر من الشمال الشرقي للمدينة، حيث تزرع العديد من المحاصيل الزراعية وتكسو جبالها الخضرة من شتى أنواع الأشجار. كما أن توفر الحمامات البركانية الحارة في وسط المدينة جعلها وجهة جذب سياحي وعلاجي بارزة.

الانتعاش

لإبراز أهمية هذه المدينة السياحية المميزة والمشاريع التنموية والخدمية التي تحققت بعد تشكيل المحافظة في العام 1998م، قابلنا الأخ عبد الملك البشاري، مدير عام مديرية دمت، الذي صرح قائلاً:

مديرية دمت شهدت انتعاشاً ملحوظاً بعد الوحدة اليمنية، خاصةً بعد إعلانها منطقة سياحية علاجية في العام الماضي. لقد بدأت تظهر ملامح التطور في العديد من المجالات السياحية، بفضل المياه الحارة التي تُستخدم كعلاج للعديد من الأمراض، وفقاً للعديد من الأطباء المختصين. شهدت المدينة انتعاشاً سياحياً كبيراً من خلال الاستثمارات السياحية وزيادة أعداد الزوار."

يوجد في المدينة حوالي 24 فندقاً سياحياً، معظمها منتجعات كبيرة، ويصل عدد الزوار سنوياً إلى حوالي 25 ألف زائر. كما يشهد القطاع العمراني انتعاشاً ملحوظاً، مع زيادة في الطلب على الأراضي وارتفاع في أسعارها. وقد طالب البشاري الحكومة بسرعة إنجاز مشاريع البنية التحتية الأساسية مثل مشروع مجاري المدينة وسفلتة الشوارع، بالإضافة إلى اعتماد خطة كافية للنظافة للحفاظ على المدينة.

حالة صعبة

وأضاف البشاري أن المديرية كانت تعاني في الماضي من صعوبات كبيرة بسبب كونها من نقاط التماس الشطرية، مما جعل أهلها يعيشون في حالة من الخوف والتمزق. فقد عانى السكان من الحرمان والخوف والاعتداءات، وذهب الكثيرون منهم ضحايا خلال فترة التشطير. كانت دمت محرومة من الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والمياه النقية والطرقات.

ومع ذلك، تشهد مدينة دمت الآن نهضة تنموية شاملة في مختلف المجالات الخدمية. أصبحت المدينة تستفيد من خيرات الوحدة، وتوجد بها ثلاث طرق رئيسية مهمة، تشمل طريق دمت-حيف، وطريق دمت-الرياشية، وطريق دمت-النادرة، وهي طرق إسفلتية قيد التنفيذ، بالإضافة إلى العديد من الطرق التي تربطها بالمديريات الأخرى وببعض المحافظات.

مشاريع في المديرية

وأشار البشاري إلى وجود العديد من الخطط التنموية في المديرية، مثل تأسيس حديقة ترفيهية عامة، ووضع حجر الأساس لمشروع المجمع التربوي، وتطوير الحجز السياحي، بالإضافة إلى افتتاح عدد من المراكز الصحية. كما سيتم قريباً افتتاح معلم تاريخي كبير في المديرية، وهو جسر عام بن عبد الوهاب، الذي يوشك على الانتهاء من ترميمه.
الضالع انطلاقة بحجم الطموح
تأسست محافظة الضالع بعد الوحدة اليمنية من سبع مديريات كانت تشكل مناطق تماس في فترة التشطير، مما حرمها من المشاريع الخدمية والتنموية في ذلك الوقت. ولكن بعد الوحدة في 22 مايو 1990م، تغيرت أوضاع هذه المديريات بشكل جذري.

حظيت المحافظة باهتمام خاص من القيادة السياسية بقيادة فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية، لتصبح واحدة من المحافظات النموذجية التي توفر المشاريع في مجالات الصحة والتعليم والكهرباء والمياه والاتصالات والطرق. 

تتميز محافظة الضالع بوجود العديد من المواقع الأثرية والتاريخية التي تعكس خصوصيتها الحضارية، مثل جامع ومدرسة المنصورية في مديرية جسر، وجسر عامر بن عبد الوهاب في مديرية دمت، والذي يعود إلى عهد الدولة الظاهرية التي اتخذت من دمت عاصمة لها. تضم المحافظة أيضاً العديد من القلاع والحصون الأثرية، مما يجعلها من المحافظات الواعدة كوجهة سياحية للزوار المحليين والدوليين.
 محافظة لحج

الموقع

تقع محافظة لحج في الجزء الجنوبي الغربي من الجمهورية اليمنية، حيث تحدها من الجنوب محافظة عدن، ومن الشرق محافظة أبين، ومن الشمال محافظتا تعز والضالع، ومن الشمال الشرقي محافظة البيضاء، ومن الغرب محافظة تعز والبحر الأحمر، بينما يحدها من الجنوب الغربي خليج عدن. 

تمتد المحافظة بين خطي الطول 42 و46 درجة شرقًا، وخطي العرض 12 و14 درجة شمالًا. تبرز لحج بشريط ساحلي يمتد من رأس عمران شرقًا حتى الشيخ سعيد المطل على مدخل باب المندب.

المساحة

تبلغ مساحة محافظة لحج حوالي 130,406 كم²، وتتمركز معظم هذه المساحة في مديريات طور الباحة والمضاربة ورأس العارة وتبن في الجزء الجنوبي من المحافظة، حيث تبلغ مساحتها نحو 3,697 كم². تُعتبر مديرية المفلحي من أصغر المديريات من حيث المساحة، إذ تبلغ حوالي 150 كم².

السكان

وفقًا لإحصائيات التعداد السكاني والمساكن للعام 2004م، يقدر إجمالي عدد سكان المحافظة بحوالي 724,725 نسمة، منهم 310,583 ذكورًا و413,226 إناثًا. يختلف توزيع السكان من مديرية إلى أخرى، حيث تُعد مديرية القبيطة من أكبر المديريات من حيث عدد السكان، حيث يصل عدد سكانها إلى نحو 92,303 نسمة، في حين تعتبر مديرية المسيمير الأقل من حيث عدد السكان بـ 19,527 نسمة. يعيش سكان المحافظة في المناطق الجبلية والسهلية والساحلية، وتبلغ الكثافة السكانية حوالي 52 فردًا لكل كيلومتر مربع.

عاصمة المحافظة

مدينة الحوطة هي عاصمة المحافظة، وتقع في الجزء الجنوبي منها. تُعد المدينة من أهم المدن اليمنية والتاريخية، وتمتاز بموقعها في منطقة سهلية واسعة ذات خصوبة عالية، تحيط بها مزارع كبيرة وبساتين شهيرة، مثل بساتين الحسيني التي تُنتج أنواعًا متنوعة من الفواكه والخضروات. 

المدينة تعتبر المدخل الشمالي لمدينة عدن، مما يجعلها مركزًا حيويًا لمحافظتي لحج وعدن على مدار العام. تشتهر مدينة الحوطة أيضًا بكونها مهدًا للشعر والشعراء، مثل الشاعر الكبير أحمد فضل القمندان، وصناعة الحلويات والبخور والمصوغات اليدوية.

التقسيمات الإدارية

تنقسم محافظة لحج إداريًا إلى خمس عشرة مديرية، تتفاوت من حيث المساحة والسكان، وتضم أربعين مركزًا وعزلة تحتوي على نحو 3,764 قرية، بما في ذلك 36 حارة في مدينة الحوطة. شهدت المدينة في الفترة الأخيرة توسعًا عمرانيًا ملحوظًا، ومن المتوقع أن تتواصل مع مدينة دار سعد في محافظة عدن. تُعتبر مدينة الحوطة مركزًا مهمًا لتسويق المنتجات الزراعية من المحافظة والمناطق المجاورة.

الحالة الاقتصادية والاجتماعية

تؤثر الجغرافيا والمناخ المتنوع للمحافظة على نشاط السكان ومستوياتهم المعيشية. ففي المناطق الجبلية التي تقل فيها المساحات الزراعية، يعتمد السكان على الأنشطة الاقتصادية الصغيرة إلى جانب الزراعة، خاصةً إنتاج البن والقات، بالإضافة إلى الرعي وتحويلات المغتربين. بينما يعتمد سكان مديريات المضاربة ورأس العارة على الرعي والصيد البحري، ويعمل العديد من سكان المحافظة في الوظائف الحكومية والقطاع الخاص. بشكل عام، تُعتبر الحالة الاقتصادية لأبناء محافظة لحج متوسطة.

المعالم الأثرية

تُعتبر محافظة لحج غنية بالمعالم التاريخية والأثرية. من أبرز هذه المعالم:
دار العرائس: مبنى حجري قديم يُنسب إلى الدولة السبئية ويعود إلى منتصف القرن الأول قبل الميلاد.
  1. جبل تلع: يحتوي على أدوات حجرية تعود إلى العصر الحجري القديم.
  2. الرعاع: رابية صغيرة تحتوي على شظايا فخارية وزجاجية.
  3. نوب القلاع: مجموعة من القلاع الصغيرة في مديرية يافع تعود إلى القرون الوسطى.
  4. حضارة صبر: موقع ساحلي يحتوي على قصر ومعبد وسكن محاط بسور كبير.
  5. موقع معليبة: يحتوي على قنوات ري تعود إلى العصر البرونزي المبكر.
  6. موقع خربة هديم قطنان: يحتوي على قطع أثرية من زمن الدولة القتبائية.
الصناعة الحرفية
تُعرف محافظة لحج بصناعاتها الحرفية التقليدية مثل:

  • صناعة المنسوجات بالمنوال القديم.
  • صناعة المعاوز الحريرية.
  • صناعة الخزف والأواني.
  • صناعة الحصير.
  • صياغة الذهب والفضة.
  • صناعة الحلويات مثل "الحلوى اللحجية".
  • حياكة الكوافي يدوياً.
  • صناعة اللبن (الطين) المستخدم في بناء المنازل القديمة.
  • لحج: الأخضرار والجمال


لحج تتميز بأراضٍ خصيبة زاخرة بالوديان والحقول والبساتين، مثل بستان الحسيني، مما يوفر للزوار مناظر طبيعية خلابة وروائح عطرة. تعد لحج مصدر إلهام للشعراء والفنانين، مثل أحمد فضل القمندان وعبد الله هادي سبيت، الذين أبدعوا في أعمالهم الفنية التي تعكس جمال الطبيعة وخيرات الأرض.
محافظة إب
لقد كان حظي، أنا وزميلي المصور فؤاد الحرازي، قليلًا، حيث زُرنا محافظة إب في وقت لم تكن فيه الخضرة في أوجها. فمع تراجع كثافة الأمطار، لم تكن المناظر الخضراء التي تُميز المدينة كما كانت في السابق. 

ولقد تساءلتُ وسألتُ أهل المدينة عن السبب، فأخبروني أن الأمطار كانت خفيفة هذا العام أو أنها تأخرت. وبالرغم من ذلك، فإن شهرة إب كعاصمة اللواء الأخضر وتاريخها العريق يبرهنان على جمالها الأصلي الذي لا يُحتاج إلى مبالغة في وصفه.

جغرافية إب وتاريخها

تقع عاصمة محافظة إب في حضن الهضاب التي تبرز تحت السفح الغربي لجبل ريمان، بين خطي طول 43 و45 شرق جرينتش، وخطي عرض 13 و15 شمال خط الاستواء. تُعرف إب بخضرتها الدائمة وكثرة مصادر المياه فيها ومناخها المعتدل على مدار العام.

تُعد مدينة إب من أقدم المدن اليمنية، ومن معالمها التاريخية "الدار البيضاء" وهي موقع ضخم لم يُعرف كثيرًا، وسُمي بهذا الاسم نسبة إلى البيضاء "بنت شمر يهرعش". وقد أُشير إلى المدينة في العصر الإسلامي كمدينة هامة، وذكرها القاضي الأكوع بأنها لم تبرز إلا في أواخر القرن الرابع الهجري، حيث تعرضت لهجوم من الأمير عبد الله بن قحطان الحوالي عام 380 هـ، وكانت قبل ذلك مجرد قرية محصنة.

لمحات تاريخية

في المدينة القديمة التي اقترح علينا الزميل محمد الرعوي، مدير فرع مؤسسة الثورة، زيارتها، كنا نعيش في أجواء التاريخ الإسلامي من خلال الصور والرسومات والنماذج. وفي وسط المدينة القديمة، يمكن ملاحظة التأثير الواضح لتصميم المباني والمساجد على نمط العمارة المستخدم في القلاع والحصون، ممزوجًا بعناصر العمارة الإسلامية مثل النوافذ والأقواس والسلالم والقباب. 

المباني تتكون من عدة طوابق تتراوح بين 3-5، وتزين واجهاتها أفاريز ونوافذ دائرية مغطاة بالرخام. بسبب موقعها الجغرافي على ربوة مرتفعة، لم يتمكن المعمار من تخطيط شوارعها بشكل مستقيم، فاستُعاض عن ذلك بسلسلة من السلالم التي تبدأ من سور وأبواب المدينة.

تُعتبر مدينة إب من أبرز المدن اليمنية لما تحمله من ميزات تاريخية وعمارة أثرية، مثل الجامع الكبير ومدارسها الإسلامية كمدرسة الجلالية العليا، بالإضافة إلى أجزاء من سور المدينة والسلالم المرصوفة بالأحجار. كما أن موقعها الاستراتيجي ومنظرها الجذاب بين جمال البناء وطبيعة الأرض الخلابة يجعلها مميزة.

الجامع الكبير

واصلنا سيرنا في الشوارع الضيقة المرصوفة بالأحجار، حيث نستشعر عبق التاريخ ونتأمل وجوه سكان المدينة القديمة التي تُشعرني وكأنني التقيت بكل واحد منهم في مكان آخر.

في الطريق إلى الجامع الكبير، بدأ زميلي المصور في التقاط الصور هنا وهناك. وجدنا الجامع الكبير الذي يعود تاريخه إلى عصر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث يقع على ربوة مرتفعة، ونعلم أنه كان من ضمن التصميم المعماري لمساجد إسلامية أخرى، على غرار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم. يتكون الجامع من صحن تحيط به أربعة أروقة، منها رواق القبلة، ويغطيه قباب تشبه تلك الموجودة في مدارس بني الرسول بمدينة تعز.

للجامع ثلاثة مداخل في الجدار الغربي، ومئذنة عالية في الجهة الجنوبية الشرقية، تنتهي بشرفة توجها طاقية مقببة. تاريخ المئذنة يعود إلى عصر الدولة الرسولية في عام 685 هـ، كما هو مدون على حجر أسفل المئذنة الشرقية. يزين سقف الجامع نقوش وزخارف إسلامية جميلة، مما يدل على تأثر تصميمه بالعمارة الإسلامية.

سور وأبواب المدينة

مدينة إب تُعد من المدن المحصنة، حيث يحيط بها سور يتضمن خمسة مداخل: الباب الكبير، باب الراكزة، باب النصر، باب سنبل، والباب الجديد. ولا تزال بعض الأبراج قائمة على أجزاء من السور، كانت تستخدم للدفاع عن المدينة. أحد أبواب المدينة الذي ما زال قائماً هو باب الراكزة. المدينة القديمة هي إحدى المواقع التاريخية الهامة في إب، لكنها تعاني من الإهمال وعدم الاهتمام من قبل السلطات المحلية.

القصور والمباني القديمة

تحتوي مدينة إب على مجموعة من القصور الأثرية القديمة ذات التصميم المعماري الجميل، مثل دار "الفرناج"، ودار الحمام، و"الدار البيضاء"، و"دار الخان". تعتبر هذه المباني من المعالم التاريخية البارزة في المدينة. على سبيل المثال، دار الخان، الذي بني على يد العثمانيين كمبنى خدمات للمسافرين، له تصميم تقليدي يتماشى مع وظيفته، لكنه تحول بعد الثورة إلى سكن لطلاب الريف ثم مدرسة ابتدائية، وتم إضافة دور رابع للمبنى.
محافظة حجة

التكوين الطبيعي

تتألف محافظة حجة من منطقتين رئيسيتين: الجبلي والسُهلي. في القسم الجبلي، نجد عدة سلاسل جبلية رئيسية، منها:

جبال حجة: تطل على غرب بني قيس ووادي مور وتهامة، وتحدها من الجنوب جبال جبار مسور والشغادرة ونجرة، بينما يحدها من الشمال جبل الظفير وجبال مبين، ومن الشرق جبل قدم بن قادم وجبل كحلان عفار.


سلسلة جبال مسور: تقع إلى الجنوب من مدينة حجة، وتمتد من الشرق إلى الغرب، وتضم جبال الشراقي ونجرة وعولي والشغادرة. جبل مسور، أحد الجبال الأثرية في السلسلة، يضم العديد من القرى والمزارع، وأعلى قمة في هذه السلسلة هي حصن المنتاب وبيت الفقية. يُعرف جبل مسور في كتب الهمداني باسم جبل نخلي، ويبلغ ارتفاعه نحو 3000 متر فوق سطح البحر.

سلسلة جبال الشرفين وحجور: تقع في الشمال الغربي من مدينة حجة، ويحدها من الجنوب وادي مور وشرس، ومن الشرق فرع وادي مور الشهير وبني جبديلة والأهنوم، ومن الشمال جبال وشحة، ومن الغرب منطقة عبس وحجور. في هذه السلسلة، نشأت إمارة آل أبي الحفاظ في القرن الخامس الهجري، وعاصمتها مدينة الجريب، التي وصفها المؤرخ محمد بن علي الأكوع بأنها كانت مدينة عظيمة وسوقا كبيرا. 

الجريب شهدت فترة من الفتن والصراعات، وما تزال إطلالها قائمة في قمة جبل قلحاح في عزلة بني جل.
سلسلة جبال كحلان: تقع شمال مدينة حجة، ويفصل بين جبال كحلان وجبل يزيد جبل عفار وقيدان. تشتهر هذه السلسلة بآثار قديمة حميرية، ويقدر ارتفاعها بين 2500 و3000 متر.

سلسلة جبال الأهنوم: تقع شمال شرق مدينة حجة، وتضم جبال بني جديل والجميمة، وشهارة الفيش والأمير. يُفصل بين هذه السلسلة وجبل شهارة جسر طبيعي، ويُعد حصن شهارة من معاقل اليمن الشهيرة بارتفاع يصل إلى 3000 متر. تم بناء الجسر في عهد الإمام القاسم بن محمد، وهو معروف بسجنه الشهير الذي احتضن الشاعر محمد محمود الزبيري في الأربعينات.

سلسلة جبال وشحة: تقع شمال سلسلة جبال الشرفين، وتضم جبل الموشح وجبل قارة وجبال مستبا وكشر. جبل قارة احتضن الإمام محمد البدر، الذي قاوم الثورة في اليمن، وقد استمرت هذه المقاومة حتى انتصار الثورة

القسم السهلي

يبدأ السهل من حدود اليمن مع السعودية ويتضمن:
ميدي: تقع على ساحل البحر الأحمر وتشتهر بمينائها، الذي تعمل الدولة على تطويره لاستقبال السفن الكبيرة. كانت تُعرف قديما بميناء الشرجة، وتعد ميدي مدينة هامة.

عبس: تقع شرق البحر الأحمر، على بعد نحو 50 كيلومترا منه، وتحتوي على سلسلة من الهضاب التي تتصل بهضاب حجور.

بني قيس: تقع غرب مدينة حجة، على بعد 35 كيلومترا، ومركزها الطور حيث يوجد وادي لاعة الذي يعبره جسر خشبي طوله خمسون مترا، وهو ما زال قيد الاستخدام.

الزراعة

تشكل الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيسي في محافظة حجة، حيث يعمل فيها معظم السكان. وقد طغت زراعة شجرة القات على الكثير من الأراضي، مما أثر على قدرة المحافظة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية. في السنوات الأخيرة، بدأت استثمارات زراعية جديدة، وخاصة في منطقة الجر بمديرية عبس، حيث تركزت زراعة المانجو والفاكهة الأخرى.

الثقافة الشعبية

تأثرت الثقافة الشعبية في محافظة حجة بالعوامل الطبيعية المحيطة بها، وظهرت في أشكال مختلفة مثل الرسوم والنقوش على الصخور التي تحكي تاريخ الإنسان القديم. ومع وصول الإسلام، تطورت الحياة الثقافية في المنطقة، وازدهرت المدن العلمية مثل زبيد وحجة، التي استقطبت العلماء والمفكرين. رغم أن حجة لم تكن عاصمة لدولة، إلا أنها اكتسبت مكانتها الثقافية من خلال العلماء الذين هاجروا إليها.

المرجعية الشعبية

تشكل مرجعية علي ولد زايد وحميد بن منصور جزءا هاما من الفكر الشعبي في حجة، ولها تأثير كبير في القضايا الاجتماعية والفكرية. على الرغم من أن شخصية حزام مرشد الشبشي لم تكن معروفة بشكل واسع، إلا أن فكر علي ولد زايد استمر في التأثير عبر الأجيال، وقد أصبح جزءاً من التراث الفكري الشعبي.

المرأة

تلعب المرأة دوراً محورياً في حياة الأسرة، حيث تدير شؤون المنزل وتشارك في الزراعة. غالباً ما تعبر الألحان الشعبية التي تُبدعها النساء عن تجاربهن ومعاناتهن، وتُظهر قوتهن وإصرارهن.

الجانب التنموي

أشار العميد محمد عبد الله الحرازي إلى جهود تحسين البنية التحتية وتطوير المشاريع التنموية في محافظة حجة. تشمل هذه الجهود ترميم القلاع والحصون وتحويلها إلى متاحف، وتلبية احتياجات النمو السكاني في مجالات التعليم والصحة والخدمات الأخرى.

الإنسان الأول

تسعى محافظة حجة إلى مواكبة العصر، بينما تحتفظ بتراثها الثقافي الغني. تتميز المنطقة بطبيعتها الجبلية والتضاريس المتنوعة التي تروي قصة الإنسان الأول الذي استطاع التكيف مع هذه البيئة القاسية.
 محافظة صعدة

صعدة

تُعتبر صعدة البوابة الشمالية لليمن، وهي بمثابة متحف أثري نادر وفريد لما تحتويه من معالم مذهلة ومتنوعة. تمتاز المحافظة بتنوع طبيعتها الساحرة في جبال رازح وخولان بن عامر ومنبه، إلى جانب القلاع والحصون والمقابر العتيقة التي صمدت أمام عوامل التعرية على مر آلاف السنين. هذه المعالم التاريخية تظل شامخة وبهية، محاطة بأساطير غريبة ومدهشة.

الحضارة اليمنية

في محافظة صعدة، تتجلى عراقة الحضارة اليمنية بوضوح، حيث يتميز المكان بجذور تاريخية عميقة تشد الزوار إلى تاريخه الغني. هذا التراث الحضاري شكل عامل جذب سياحي قوي على مستوى اليمن، خاصة في الحزام الطيني المحيط بمدينة صعدة القديمة، والذي يمتد طوله إلى 3326 متراً وارتفاعه أربعة أمتار، ولا يزال صامداً بقوة. 

كما يذكر مدير عام مكتب الثقافة والسياحة بمحافظة صعدة أن بعض كتب التاريخ تقدر عمر مدينة صعدة إلى ما قبل الميلاد، مشيرة إلى قدمها وتفردها في المعمار الطيني الذي شهد مختلف الحقب التاريخية.

تضم محافظة صعدة 28 موقعاً سياحياً، و99 قلعة وحصناً، و24 قرية سياحية، بالإضافة إلى مدن تاريخية، ومساجد عتيقة، ومقابر، ونقوش أثرية، إلى جانب أكثر من 43 موقعاً للسياحة البيئية. من أبرز معالم صعدة الحضارية القديمة قشلة صعدة، وقلعتا السنارة والصمع، ونقوش المسلحقات، ومقابر صعدة وسورها القديم، وآثار مدينة تلمص، إضافة إلى مدينة أم ليلى في بلاد جماعة التي تحتوي على نقوش أثرية وسدود وحصن أم ليلى الأثري العظيم على قمة الجبل.

كما تشمل المعالم مدينة الفحلوين ونجد الفارس في بلاد وآيلة، التي تحتوي على محطات تجارية على خط قنا القديم، ومديرية حيدان التي تضم عدداً كبيراً من المساجد التاريخية القديمة، والحصون الأثرية، والبنايات المعتقة. بالإضافة إلى ذلك، توجد سلسلة من المنارات القديمة في قرية نشوان بن سعيد الحميري.

أما في مجال السياحة البيئية، فتتميز محافظة صعدة بمناطق رائعة مثل النظير العائمة بين الغيوم، وبركان والشوارق في رازح ومران، وولد عياش وولد نوار، وزبيد في حيدان، ووادي عكوان، ووادي رماح في الصفراء، والعقيق، ووادي أملح، ووادي الفرع، وآل أبو جبارة في بلاد وآيلة. وتزخر المحافظة بالعديد من المناطق والمعالم الأثرية المثيرة والجميلة

السياحة والاستثمار

تتمتع محافظة صعدة بتراث حضاري وتاريخي نادر، وقد حظيت خلال فترة الوحدة اليمنية بعناية نسبية للحفاظ على معالمها الأثرية والترويج لها سياحياً. خلال عقد التسعينات، تم ترميم أجزاء من سور صعدة التاريخي بتكلفة 250 ألف ريال في عام 1996م، و900 ألف ريال في عام 1999م. شهدت المحافظة خلال عهد الوحدة نشاطاً سياحياً ملحوظاً، حيث زارها في الفترة من 1990 إلى 1994 أكثر من 20,000 سائح من مختلف الجنسيات.

بين عامي 1995 و2004، زارها حوالي 35,000 سائح من العرب، والأوروبيين، والآسيويين، والأفارقة، والأمريكيين. ورغم التحديات المتنوعة، تقتصر الاستثمارات السياحية في المحافظة حالياً على 14 فندقاً، منها 5 فنادق بتصنيف نجمتين، بإجمالي طاقة إيوائية تصل إلى 672 سريراً في 249 غرفة و22 جناحاً.

للنهوض بالوضع السياحي، تم التقديم إلى الصندوق الاجتماعي للتنمية لتمويل مشروع إنشاء متحف إقليمي في المحافظة، وهو مشروع استراتيجي يعزز الحفاظ على الإرث الحضاري ويجذب السياح. ومن المقرر تنفيذ هذا المشروع في قلعة القشلة، أحد أبرز المعالم الحضارية. كما اعتمدت الهيئة العامة للآثار والمتاحف، بالتعاون مع صندوق الأشغال العامة، مليوني ريال لصيانة وتحسين المنطقة المحيطة بقلعة السنارة كمرحلة تمهيدية لترميم هذا المعلم الأثري
 محافظة المحويت

تُعد محافظة المحويت من أبرز الوجهات السياحية في اليمن بفضل طبيعتها الجغرافية الرائعة التي تميزها بمناظر طبيعية خلابة تشمل مدرجات زراعية وحشائش خضراء تغطي الجبال والهضاب طوال العام. هذه المظاهر جعلت منها وجهة مثالية للراغبين في السياحة والاستجمام. 
كما تحتوي المحويت على ثروة أثرية وتاريخية غنية، حيث تضم العديد من المواقع التاريخية والأثرية التي تشكل متحفاً مفتوحاً لأي زائر، بما في ذلك مدن أثرية ذات طراز معماري فريد مثل شبام وكوكبان والمحويت والطويلة والصفقين في مديرية حفاش.

تتميز هذه المدن الأثرية بجمالها المعماري وتحصيناتها القوية، حيث تحتوي على قرى وحصون قديمة تقع على قمم الجبال الشاهقة وسفوح المنحدرات. هذه المنشآت تعكس إبداعاً فنياً ومعمارياً نادراً لا يوجد له مثيل في أماكن أخرى من العالم. وقد شُيدت معظم هذه القلاع والحصون فوق قمم جبال شديدة الانحدار، ولا تزال شواهدها الأثرية باقية حتى اليوم، مما يبرز الحضارات اليمنية القديمة من عصور ما قبل الإسلام وما بعده.

أظهرت الدراسات أن المقابر الصخرية في مناطق مثل شبام، الطويلة، المحويت، وبن سعد تتجاوز المائتين، وأن بعض الجثث المحنطة التي تحتويها تعود إلى حوالي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد. كما كشفت المسوحات الأثرية بين عامي 1998 و2002 أن المقبرة الواحدة قد تحتوي على عشرات الجثث المحنطة، وقد وثقت الهيئة العامة للآثار أكثر من سبعمائة موقع ومعلم أثري في هذه المناطق.

نظرًا لعمقها التاريخي وجمال طبيعتها، أصبحت المحويت من أبرز المناطق السياحية في اليمن. بدأت الدولة، خصوصًا بعد إعادة تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990، في الاهتمام بالمحافظة ودعمها بالمشاريع والخدمات التي تهدف إلى تحويلها إلى وجهة سياحية تاريخية. هذا الاهتمام يشمل تعزيز البنية التحتية وتطوير القطاع السياحي، مما يبشر بمستقبل مشرق للمحويت وسكانها.

ورغم أن هذا الملحق لا يمكنه تقديم صورة شاملة عن كافة مزايا المحويت التاريخية والسياحية بسبب حجمه المحدود، إلا أننا سنستعرض هنا نموذجاً واحداً من مدنها، وهي مدينة كوكبان، التي تعد من أبرز المدن اليمنية من حيث الأهمية السياحية والتاريخية.

مدينة شبام كوكبان

الموقع

تقع مدينة شبام كوكبان إلى الشمال الغربي من صنعاء، على بعد حوالي 43 كيلومترًا.
تعتبر شبام من المدن ذات التاريخ العريق الذي يعود إلى ما قبل القرن السابع قبل الميلاد. ذُكرت لأول مرة في نقش نصر يعود إلى "كرب آل وتر بن ذمار علي مكرب سبأ" في القرن السابع قبل الميلاد.

الذي أشار إلى أنها كانت إحدى مدن مملكة نشن. بعد أن هزم المكرب ملك مملكة نشن، تم ضم ممتلكاته إلى مملكة سبأ وبدأ السبئيون في الاستيطان في المناطق الوسطى من الهضبة اليمنية، بما في ذلك شبام.

تميزت المدينة بالنمو الثقافي والديني، حيث شُيدت فيها معابد لآلهة قبيلة سبأ وقبيلة فيشان. بحلول القرن السابع قبل الميلاد، أصبحت شبام مدينة سبئية خالصة. ومن المعروف أن المدينة كانت تتطور بشكل مستمر، وكان لها دور بارز في الفترة الإسلامية، حيث أصبحت عاصمة لدولة آل يعفر من 847 إلى 997 ميلادي.

أهم معالم مدينة شبام كوكبان القديمة

المجمع التعبدي في جبل اللو (جبل ذخار)

كان جبل اللو، المعروف اليوم بجبل ذخار، يضم مجمعًا دينيًا كبيرًا يحتوي على معبدين رئيسيين. الطريق المؤدية إلى هذه المعابد لا تزال موجودة حتى اليوم، رغم أن الأحجار الأثرية قد أُعيد استخدامها في المباني الحديثة.

مقابر شبام كوكبان الصخرية

تتوزع المقابر الصخرية على منحدرات جبل كوكبان، وتتميز بأنها منحوتة في الصخر، إلا أنها تعرضت للعبث مما أدى إلى فقدان الكثير من محتوياتها.

الشواهد الأثرية التاريخية

تشمل الشواهد التاريخية في مدينة شبام كوكبان العمارة الدينية مثل المساجد والأضرحة، فضلاً عن العمارة المدنية والحربية.
  • الجامع الكبير: بني في القرن الثالث الهجري، ويتميز بتصميم معماري يشابه جامع صنعاء الكبير، مع تفاصيل زخرفية متقنة.
  • حصن كوكبان: يعد من أبرز المعالم التاريخية، ويقع على ارتفاع حوالي 3000 متر فوق مستوى سطح البحر. اشتهر الحصن بقدرته على الصمود أمام الهجمات، وتاريخه الحافل بالمعارك.
  • ضريح الأمير شمس الدين: يقع في الجهة الجنوبية الشرقية للمدينة، وهو معلم أثري إسلامي بارز يتميز بتخطيطه المعماري الفريد وزخرفته الجمالية.

بيئة سياحية

تتمتع مدينة كوكبان بخدمات سياحية متكاملة تشمل الفنادق والمطاعم والأسواق. توفر المدينة بيئة سياحية جذابة للمسافرين بفضل بنيتها التحتية المتطورة والخدمات الأساسية.
تحظى محافظة المحويت بالاهتمام المتزايد من قبل الدولة في السنوات الأخيرة، خاصةً في ظل التوجه نحو تعزيز السياحة والتاريخ.
مدينة عدن

في هذا الاستطلاع، قمنا بالبحث في تاريخ مدينة عدن من خلال المتحف الأثري، الذي يعرض آثارًا تاريخية تعود إلى العصور الأولى، بالإضافة إلى الموروث الشعبي. يُمكن للزوار عبر المعروضات أن يتعرفوا على فترات تاريخية متنوعة، من تاريخ المدن القديمة في محافظة عدن إلى المدن الجديدة التي نشأت بفعل النمو السكاني. كما استعرضنا النشاط السياحي في المحافظة، بما في ذلك حجم المنشآت السياحية والموروثات الشعبية والعادات التي تمتاز بها عدن.

عدن في التاريخ

يقول المؤرخ بامخرمة إن مدينة "أرم" كانت تقع بين خليج عدن ولحج وماوية. ويشير حمزة لقمان إلى أن بعض الناس يعتقدون أن قرية العماد الصغيرة، القريبة من مدينة الشيخ عثمان، قد تكون جزءًا من الموقع الذي بُنيت عليه "أرم". كما توجد قرية إمعادية في بلاد العواذل، التي تبعد عن عدن نحو مئة ميل، على أنقاض مدينة قديمة تحمل نفس الاسم. تشير الآثار إلى أن هذه الأماكن كانت معروفة لدى قبائل السبئيين والحميريين، ولكن يُعتقد أن المدينة بُنيت بواسطة عاد.

مرت مدينة عدن بعدد من المراحل التاريخية التي شهدت الكثير من الصراعات والاحتلالات، مما أثر بشكل كبير على معالم المدينة. هذه الحروب والاحتلالات جعلت آثار المدينة موضوعًا للتخمينات والجدل بين المؤرخين وعلماء الآثار. على سبيل المثال، بعد الغزو الروماني لعدن، دُمرت المدينة وتأثرت تجارتها.

في عهد الملك العبد ذو الادغار الحميري، تعرض الميناء للتخريب، وظل هذا الحدث موضوعًا للتكهنات بين المؤرخين. لم تستعد عدن مجدها إلا في عهد قسطنطين، حيث استعاد الميناء حيويته وبدأ يستقبل السفن المحملة بالبضائع من الهند وفارس. 

وقد شُيدت كنائس في عدن وتوجد دلائل على أن الحبشة كانت لها موطئ قدم هناك. بعدها، هاجم الفارس سيف بن ذي يزن الأحباش، مما أدى إلى تسليم كسرى الحكم لبني حمير. هناك خلاف في المصادر حول من قاد المعركة، سواء كان أخو سيف بن ذي يزن أو معدي كرب، لكن المسعودي يرجح الأخير.


في عام 595 ميلادي، أرسل كسرى برونر إلى اليمن لاستعادتها إلى المملكة الفارسية بعد وفاة كسرى أنوشروان. وقد ذكر ابن خلدون أن بني معن أسسوا دولتهم في عدن في عهد الخليفة العباسي المأمون. كما أشارت مصادر تاريخية إلى أن أبان عثمان بن عفان زار عدن وبنى مسجدًا تم تجديده مؤخرًا. خلال العصر الإسلامي، أصبحت عدن مركزًا للمؤامرات ضد الإسلام، ولكنها تحت راية الإسلام وتناوبت تحت الحكم الأموي والعباسي، ثم العثماني والإنجليزي.

قالت رجاء باطويل، مدير عام الآثار بمحافظة عدن، إن البعثة الألمانية الروسية، بمشاركة مكتب الآثار في عدن، أجرت تنقيبات لدراسة عصور ما قبل التاريخ، وأكدت وجود مستوطنات في عمان على نفس الشريط الساحلي، مما يعزز امتداد النفوذ القتباني حتى البحر الأحمر. وأضافت أن المقبرة الجماعية المكتشفة في بير فضل عام 1992 قدمت دليلًا على أهمية عدن عبر العصور. كما توضح العملات الأثرية في مكتب الآثار تعاقب الفترات التاريخية على عدن.

في عهد الإنجليز، انتقل الميناء إلى المعلا والتواهي، حيث كانت القلوعة تستخدم كمنطقة سكنية للعمال. وقد شُيدت كنائس ومعابد في ذلك الوقت، ولا يزال بعضها قائمًا حتى الآن، حيث يوجد حاليًا أحد عشر معبدًا. أشارت رجاء باطويل إلى أن بناة المعابد كانوا يبحثون عن أماكن نائية لضمان الهدوء والحفاظ على الحصانة الكاملة للمسلمين. وأضافت أن التواهي أصبحت من أجمل المدن السياحية بفضل شواطئها المتعددة. وشددت على أهمية صيانة القنوات المائية القديمة.

بجيرة الأعاجم

حدد المؤرخ بامخرمة بحيرة الأعاجم بأنها البحر الممتد من مياه الرباك إلى جبل عمران، أي أن البحر الذي يغسل شواطئ التواهي والمعلا وخور مكسر والحسوة والبريقة. وهو في الواقع يشبه بحيرة لولا الفتحة بين راسي حليل في البريقة وطارشين في التواهي.

يقول عبد الله محرز إن هذا البحر يحتوي على جزر مجهولة الأهمية التاريخية والاقتصادية والدفاعية، وبعض المدن التي اندثرت وطواها النسيان.

التواهي

هي إحدى مدن عدن الحديثة، وكانت عاصمتها الاقتصادية خلال فترة الاحتلال. يُشار إليها أحيانًا بـ "بحر التواهي". عبد الله محرز يذكر أنه لا يوجد مصدر تاريخي يشير إلى هذا المكان، ويُعتقد أنه كان أحد الخلجان المقفرة حول شبه جزيرة عدن. يقول محرز إنه قبل القرن التاسع عشر، كان دور التواهي التاريخي غير معروف بسبب صغر حجمه وبعده عن الموارد المائية، لكنه أصبح مركزًا مهمًا بعد الاحتلال.

المعلا

تقع المعلا بالقرب من حجيف، وهي تمتد بمحاذاة الساحل إلى باب عدن. يتميز موقع المعلا بأطول شريط ساحلي مقارنة بالتواهي. يعتقد عبد الله محرز أن المعلا لها جذور أعمق في تاريخ عدن وقد تكون وراثة للقرية القديمة التي نشأت خارج باب عدن ثم اختفت في القرن السادس عشر. ويقال إن اسمها كان المحلة أو المحل، وتحوَّل إلى المعلا، كما ورد في كتاب جاكوب ملوك العرب. يبدأ البرزخ عند جبل حديد ويمتد البحر موازياً لهذا البرزخ في اتجاه شمالي.

خور مكسر

يوجد في شمال هذا البحر، وفي نهاية العنق الذي يربط عدن بالبر، خليج تحيط به أراضٍ منخفضة. انكسر جزء من ساحل هذا الخليج، مما نتج عنه جدول شق طريقه في الساحل. يُعرف هذا باسم المكسر أو خور مكسر، وهو بقايا مصب وادي تبن الأصلي أو أحد شعابه. يشير عبد الله محرز إلى أن مياه الوادي عندما فاضت في 1981م عادت إلى مصبها الأصلي وجرفت المملاح، حيث صبّت في المكسر.

حجيف

يقع في الاتجاه الشرقي، ويعد مرسى صغيرًا مخصصًا لاصطياد الأسماك. يتميز بموقعه المهم بين سلسلة الجبال ويعد ميناؤه محصنًا من الريح، كما ورد في مذكرات جاكوب.

الشيخ عثمان

سميت المدينة باسم الشيخ عثمان بن محمد الوكحي الزبيري. بدأت كقرية متواضعة نشأت حول ضريح ومسجد في النصف الأول من القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي)، ثم توسعت بسرعة بعد الحرب العالمية الثانية. 

انتشرت مستوطناتها إلى العماد شرقًا والسائلة غربًا، وامتدت لتغطي دار سعد شمالًا، وأصبحت مدينة الشيخ عثمان معروفة بوجود حركات دينية غريبة ومذاهب تبشيرية. تاريخيًا، كانت الشيخ عثمان تحت سيطرة العبادل، وكان لها سمعة بصناعة الملح وصباغة الملابس وحرق الآجر. في عام 1878م، اشترت حكومة عدن الشيخ عثمان من السلطان فضل بن علي محسن لحماية المرسى.

الساحل الذهبي

يقع بالقرب من التواهي والمعلا، وهو مقصد شهير للسكان المحليين والزوار. يتميز الشاطئ بشكله المميز الذي يشبه خرطوم الفيل، ويُعد من أجمل الشواطئ اليمنية بفضل اللون الذهبي لمياهه عند الغروب بسبب الصخور البركانية.

ساحل أبين

يقع في منطقة خور مكسر، ويعد من أطول الشواطئ في محافظة عدن، ممتدًا من أمام محطة العاقل حتى نقطة العلم، ويتميز بجمال منظره. تلعب هذه السواحل دورًا محوريًا في تنشيط الحركة السياحية في محافظة عدن، وقد تم بناء العديد من المنشآت السياحية لتطوير السياحة.

المتاحف

تعتبر المتاحف في عدن من أقدم المتاحف في الجزيرة العربية. بدأت بنواة صغيرة في الصهاريج عام 1930، ثم انتقلت إلى التواهي، وبعد الاستقلال اهتمت الدولة بالأثر وعززت المتحف بقطع أثرية من بعثات سوفيتية وصينية. توسع المتحف في الثمانينات وانتقل إلى قصر 14 أكتوبر، حيث عرض قطعًا أثرية من عصور ما قبل التاريخ حتى الممالك القديمة. في عام 1992م، افتتح متحف الموروث البيئي، الذي عرض دورات حياة الإنسان كاملة من الولادة حتى الوفاة.

الاهتمام بالسياحة

تشدد مديرة الآثار على أهمية الحفاظ على الموروث التاريخي والاعتناء بالمواقع الأثرية، وإزالة البناء العشوائي لتفادي الكوارث. كما تدعو إلى الحفاظ على المدن التاريخية وتقديم الأولوية لحماية
محافظة عمران

موقع مدينة عمران وتاريخها:

تقع مدينة عمران شمال غرب العاصمة صنعاء على بعد 50 كيلومترًا في منطقة واسعة تُعرف بـ "قاع البون". تشير المصادر التاريخية، بما في ذلك النسّابون مثل نشوان بن سعيد الحميري، إلى أن اسم عمران يعود إلى ملك من ملوك حمير يُدعى ذو عمران بن مرائد.

وقد أُطلق هذا الاسم على قصر عمران، الذي يُعتبر من معالم المدينة التاريخية. يعود تاريخ مدينة عمران إلى ما قبل الإسلام، حيث كانت حاضرة قبيلة ذو مرائد، والتي ذُكرت في العديد من النقوش اليمنية القديمة التي عُثر عليها في خرائب المدينة والمواقع الأثرية المحيطة بها. اشتهرت عمران بمواقعها الأثرية الغنية، حيث تحتوي المنطقة على العديد من النقوش والآثار في كل مكان.

النقوش

ذُكرت العديد من النقوش من قبل المؤرخين مثل الهمداني، حيث عُثر في خرائب المدينة على مبنى يُعرف بـ "قصر عمران". شُيد هذا القصر على شكل مبنى ضخم كان يستخدم كمعبد لإله قبيلة ذي مرائد، الذي يُشار إليه في النقوش بـ "إله المقة"، إله سبأ الرسمي. كانت المعابد في هذه المنطقة منتشرة بشكل كبير، ولها طقوس دينية خاصة، مثل طلب الأولاد الذكور من الإله المقة.

تميُّز المعبد

يتميز معبد المقة بطقوسه الدينية الخاصة، حيث كان يُطلب من الإله المقة منح الأولاد الذكور. تؤكد النقوش أن هذا المعبد كان يُطلق عليه اسم "هدرن" وليس "قصر"، كما ذكر الهمداني الذي كان يطلق على كل مبنى ضخم مصطلح "قصر"، حتى تلك المباني الدينية المنتشرة على قمم الجبال المحيطة.

المدينة القديمة والحديثة

تتكون عمران اليوم من المدينة القديمة والمدينة الحديثة. المدينة القديمة تقع داخل الأسوار التاريخية التي شُيدت لحمايتها، بينما المدينة الحديثة تمتد خارج هذه الأسوار. المباني القديمة تعود إلى العصور الإسلامية، وتحيط بها أسوار من اللبن المخلوط بالتبن، وقد تعرضت للتآكل، مع بقاء بعض الأجزاء منها وبوابتيها. 

تحتوي المدينة على مباني متعددة الطوابق مبنية من اللبن والحجارة، حيث يُستخدم الدور الأرضي كمخازن ومطابخ وأماكن لتربية الماشية، بينما تُخصص الأدوار العليا للسكن. تعيش عدة أسر في نفس المنزل، وهو تقليد اجتماعي متوارث.

البئر القديمة

توجد في وسط المدينة بئر قديمة مبنية من حجر البلق المنحوت، ويُعتقد أن تاريخها يعود إلى فترة ما قبل الإسلام. تشتهر مدينة عمران بالأراضي الزراعية الخصبة في قاع البون، حيث تُزرع الحبوب والبقوليات وبعض الفواكه مثل الرمان والفرسك والسفرجل، ويتم سقيها من الآبار الجوفية باستخدام تقنيات حديثة.

قاع البون

يمتد قاع البون من جنوب مدينة عمران إلى شوابه في الشمال، بمساحة تُقدر بنحو 26 كيلومترًا مربعًا، وبارتفاع يصل إلى حوالي 2100 متر فوق سطح البحر. يُعَدّ قاع البون منطقة غنية بالمواقع الأثرية، ذُكرت في كتاب "الإكليل" للهمداني، وتضم العديد من القصور والمعابد القديمة التي ترمز إلى حضارة المنطقة.

المساجد

تحتوي المدينة على عدة مساجد بارزة، من بينها الجامع الكبير الذي بدأ بناءه سعود بن سالم وتبعه أبو طالب. هناك أيضًا مسجد الشعبة الذي بُني على يد امرأة من شعب أرحب، ومسجد السيد يحيى الذي يرتبط بالعباس بن علي بن أبي طالب، بالإضافة إلى مسجد المهدي عباس الذي بُني بناءً على دعوة الشيخ العلامة محمد مسحن الصعر.

المقابر التاريخية

تحيط بمدينة عمران مقابر تاريخية تحتوي على قبور لمؤرخين وحكام وعلماء وشعراء دفنوا في المدينة منذ القرن الثالث الهجري. تعكس هذه المقابر تاريخ المدينة الطويل والعريق.

حصن ثلا

حصن ثلا هو قلعة أثرية تقع شمال غرب العاصمة صنعاء، على بعد 45 كيلومترًا، وبارتفاع حوالي 2600 متر فوق سطح البحر. يتميز الحصن بقوته التاريخية، حيث كان ملاذًا آمنًا لكثير من العلماء والدعاة والأمراء، وشُيدت حوله العديد من القصص والأساطير. يحتوي الحصن على بقايا القصور والبرك وأبراج الحراسة، وهو يشهد على قوة وعظمة الإنسان في تلك الحقبة.

سور المدينة

تتميز ثلا بسور عظيم مبني من الأحجار الكبيرة، يمتد جذوره إلى العهد الحميري. استمر بناء السور وترميمه عبر العصور، بدءًا من العهد الحميري وحتى فترة الإمام المطهر. تتطلب أجزاء من السور حاليًا ترميمًا لإعادة مجدها وشموخها.

محافظة الحديدة

تقع مدينة الحديدة على الساحل اليمني تقريبًا في منتصف الضفة الشرقية للبحر الأحمر، بداية من رأس الكثيب في الشمال إلى منطقة منظر في الجنوب، وصولاً إلى صحراء الزعفران من الشرق. تتميز بموقعها على خط عرض 14.45 شمال خط الاستواء وخط طول 43 شرقًا، ويبلغ ارتفاعها عن مستوى سطح البحر نحو 10 أمتار شرقي المدينة.

يعود أول ذكر لمدينة الحديدة في المصادر التاريخية إلى بداية القرن الثامن الهجري (الرابع الميلادي)، حيث كانت نقطة توقف للمسافرين، ثم تطورت لتصبح قرية صغيرة تعتمد على الصيد، وشهدت تحولها إلى محطة إرشاد للسفن الدولية.

في أواخر القرن الثامن الهجري وأوائل القرن التاسع الهجري، أصبحت الحديدة بلدة هامة من بلدان اليمن. كانت هناك امرأة تُدعى حديدة، تمتلك مكانًا يقيم فيه المسافرون للراحة، ونُسبت القرية إليها. وكان موقع الميناء القديم يقع غرب حارة داخل السور، حيث كانت السفن الكبيرة ترسو على بُعد ميلين ونصف من الميناء، ثم تُنقل حمولاتها إلى المباني الجمركية عبر السفن الشراعية الصغيرة وكتف العمال. في عام 1906م، وُضعت خطط لإنشاء ميناء جديد بعمق خمس قامات، مناسب لرسو 12 سفينة.

بدأ العثمانيون في بناء الميناء الجديد عام 1911م على الكثيب، على بُعد 17 كيلومترًا شمال الحديدة، وواصل الفرنسيون بناءه، لكن محاولة إعادة بناء الميناء الجديد برأس الكثيب في المدينة باءت بالفشل نتيجة رفض الإمام يحيى. ومع ذلك، أمر الإمام بوقف العمل في الميناء القديم والانتقال إلى الجديد. 

لاحقًا، أنشأ الاتحاد السوفيتي ميناءً جديدًا شمال المدينة، على بُعد خمسة كيلومترات، مزودًا بممر ملاحي. بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م، قامت حكومة الثورة بتوسيع الميناء وإعادة بناء الميناء العائم بالكثيب الذي أصبح لاحقًا ميناءً للقوات المسلحة.

معالم أثرية وسياحية

تحتوي مدينة الحديدة على العديد من المعالم التاريخية والأثرية، أبرزها مدينة "داخل السور" التي تُعد من أقدم أحيائها، وتعود نشأتها إلى بداية القرن الثامن الهجري. تحتوي على العديد من المراكز الحكومية القديمة وبنايات من الآجر الطول الصغير، والتي تمثل نمط البناء القديم المشابه لموانئ البحر الأحمر مثل ميناء جدة. 

تتميز المباني بأدوارها العالية وسقوفها الخشبية المنقوشة بأشكال هندسية بديعة، ويحيط بها سور له أربعة أبواب: باب مشرف، باب النخيل، باب الستر، وباب اليمن. رغم تهدم السور، بقي باب مشرف كذكرى للماضي. كما يوجد في حارة "داخل السور" الجامع الكبير والسوق القديم، ومجموعة من الحارات السكنية المبنية من القش أو الآجر.

لا تزال حارة "داخل السور" تحتفظ بطابعها التقليدي رغم ترميم بعض المباني أو هدمها لأسباب مختلفة، وبعضها يعود تاريخه إلى 200 عام وما زال بحالة جيدة. الجامع الكبير، الذي يقع في حارة "داخل السور"، يعد من أبرز المواقع في المدينة، ويعود تاريخه إلى بداية القرن الثامن عشر الهجري، وقد قامت امرأة من أهل الخير بعماره. 

يحتوي الجامع على 48 دعامة وسبعة طواريد، وجدرانه مبنية بالحجر الملون من الخارج ومطلية بالجص الأبيض من الداخل. يتميز بوجود قبة في وسط السقف وجناح خاص للنساء، ويشمل أيضًا 25 حمامًا.

من المعالم الأخرى قلعة باب مشرف، التي كانت إحدى الحصون على السور القديم، وتستخدم حاليًا كقسم للشرطة، وقلعة الكورنيش التي تقع على بُعد كيلومتر واحد جنوب الميناء القديم، والتي بُنيت خلال العهد العثماني الأول وتستخدم حاليًا كموقع عسكري.

متحف الحديدة، الذي بني خلال فترة الحكم العثماني كمركز دار الأموال، استخدم لاحقًا كمركز إشرافي على التراث القديم. بعد الثورة، تم تحويله إلى مبنى من طابقين بتغطية خارجية من الشرفات الخشبية.

مياه المدبات

المدبات في الحديدة هي خزانات كبيرة بُنيت في فترات سابقة في كل حي تقريبًا، وكانت تستخدم لتخزين مياه الشرب ذات الملوحة المنخفضة التي تُستخرج من منطقة الحالي، شمال شرق المدينة. تم بناء المدبات من الأحجار، وتحتوي على حوض مياه ومرجانيات جلبت من البحر. تطورت شبكة إيصال المياه الحديثة، مما جعل المدبات غير ذات أهمية اليوم، وأصبحت مهملة ومهدمة، على الرغم من أنها ما تزال قائمة.

كما يعد المستشفى العسكري من المرافق البارزة في الحديدة، وقد تم بناؤه بواسطة الإمام يحيى ولا يزال قائمًا حتى الآن في الجهة الشمالية الغربية من مستشفى العلفي.

الشواطئ

يُعد شاطئ الكورنيش من أبرز المواقع السياحية في المدينة، حيث تم تنفيذ مشروع تطويره في الثمانينات، ويتميز بشريط ساحلي مفروش ومرافق للراحة. يُعتبر شاطئ الكورنيش ملاذًا لأهالي المدينة للتنزه والاستجمام، ويستمر تطويره حتى يومنا هذا.

أيضًا، شاطئ العرج شمال المدينة، يقع بين مصبين لواديين، يُعد منتجعًا سياحيًا طبيعيًا ومتنفسًا لسكان المدينة بفضل جماله الطبيعي وأشجار النخيل التي تزينه.

 محافظة البيضاء

التسمية والأصول

تعود تسمية "البيضاء" إلى حصن كان يملكه القيل شمر تاران، وهو زعيم قبلي بارز من أقيال اليمن. يُقال إن التسمية جاءت نسبةً إلى صخرة بيضاء تقع في وسط المدينة، والتي بُني عليها حصن القيل، والذي يُعرف اليوم بالقلعة. هذه الصخرة هي الوحيدة البيضاء في منطقة تميزت جبالها بلون داكن، ويُعتقد أن التسمية جاءت لتمييزها عن المناطق المجاورة مثل السوداء والحمراء.

التاريخ والتسميات القديمة

في كتابه "تاريخ اليمن شماله وجنوبه"، ذكر المحامي الفاضل محمود كامل أن البيضاء كانت تُسمى قديماً "زشق"، بينما كان اسم "نشان" يُطلق على السوداء المجاورة لها. ولتيسير التمييز بينهما، أطلقوا على زشق اسم "البيضاء" وعلى نشان اسم "السوداء"، وكان ذلك في عام 24 ق.م، أثناء الغزو الروماني لليمن.

النسب والتأسيس

تنسب البيضاء إلى الحسين بن الشيخ أبي بكر بن سمال الحسيني العلوي، الذي وصل إلى البيضاء في عام 1027هـ (1606م) وأسس فيها مسجد الحسين الذي لا يزال معروفاً حتى اليوم. وهناك من ينسبها أيضاً إلى السلطان الحسين بن ناصر الرصاص.

بيضاء حصي

استمر اسم "البيضاء" مرتبطاً بمدينة حصي التاريخية لفترة طويلة، حيث كانت تُعرف بـ "بيضاء حصي". مدينة حصي هي من أقدم المدن في اليمن، وقد وصفها الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب" بعد صنعاء وذمار ورداع. كانت حصي موطناً للقيل شمر تاران الذي بناها وسكنها حتى وفاته، ودفن فيها بعد أن خلد مآثره فيها. اليوم، تقع حصي في مديرية الصومعة بالقرب من منطقة العقلة شرق مدينة البيضاء، وتبعد حوالي 20 كم عنها.

سوق شمر

كان هناك سوق قديم في المدينة يُعرف بـ "سوق شمر"، وكان مركزاً تجارياً مهماً يربط شمال الجزيرة العربية بجنوبها. يُعقد السوق أسبوعياً يوم الخميس، ويُقال إن الاسم يعود إلى أحد شمرين، إما شمر تاران مؤسس حصي، أو شمر جناح قائد جيوش أسعد الكامل. وقد كان السوق مركزاً تجارياً رئيسياً حيث كان الهنود والبينيان (الهنود من أصل بوذي) يأتون بالبضائع من الهند لبيعها فيه. هذا السوق يعرف اليوم بحي الشرية في مدينة البيضاء، والذي يقع إلى الجنوب الشرقي منها.

التاريخ والآثار

ذكر الهمداني في "صفة جزيرة العرب" أن البيضاء تقع على أنقاض "سرو مذحج"، وهي الأرض التي تُعرف اليوم بـ "السرو" في البيضاء. قبائل مذحج كانت كبيرة ومتعددة، وكان لها دور كبير في الجهاد في سبيل الله. فقد استنفر أبو بكر الصديق أهل اليمن، وأرسل منهم ألف فارس إلى العراق والشام، وهاجر العديد منهم إلى تلك المناطق.

عاصمة مملكة أوسان

كانت مملكة أوسان من أقدم الدول التي قامت في اليمن، ويُعتقد أنها كانت قائمة في القرن العاشر أو الحادي عشر قبل الميلاد. تدل الرموز والنقوش على أنها كانت ذات قدر عظيم وحضارة كبيرة. توجد في البيضاء منطقة العادية التي تحتوي على آثار قديمة، ولكن لا يوجد دليل تاريخي قاطع يثبت أنها كانت عاصمة أوسان. 

يعتقد بعض المؤرخين أن عاصمة أوسان كانت في هجر الناب بمرخة أسفل قرية نقاق، حيث تم العثور على العديد من التماثيل والنقوش يُعتقد أيضاً أن عاصمة أوسان قد تكون "وسروم" التي تكرر ذكرها في النقوش، وتقع في منطقة مرخة بمحافظة البيضاء سابقاً. ويُقال إن هذه العاصمة لا تزال مخفية، لكن الدلائل تشير إلى أنها تقع في سرو مذحج، حيث توجد قرية تسمى "سروم" في مديرية الصومعة، والتي ربما تكون محرفة من "وسروم".

محافظة ريمة

تثير محافظة ريمة الكثير من التساؤلات حول ما إذا كانت جزءًا من إقليم معين أو أكبر منه، وهل كان اسم "ريمة" يشير إلى مدينة أو حصن أو وادٍ. للإجابة على هذه التساؤلات، استعرضنا تصريحات الأستاذ المؤرخ حيدر علي ناجي العزي، الذي قال:

يعتقد البعض أن اسم "ريمة" يشير إلى الارتفاعات الشاهقة في الجبال. فقد فسر بن منظور في "لسان العرب" كلمة "ريم" بمعنى الجبال الصغيرة. إذا كانت التسمية قد جاءت من تهامة وأطلقت على جبال الحواز الغربية، ثم تمت السيطرة على الجبال العالية لاحقاً، فإن اسم "ريمة" يظهر في النقوش اليمنية القديمة كاسم لمعبد أو إله. 

يتساءل البعض إذا كان الاسم "ريمة" يشير إلى لفظ مقدس يستخدم كلقب للآلهة. ويذكر أن الملوك اليمنيين كانوا يلقبون أنفسهم أحياناً بالألقاب الإلهية مثل "ريام" أو "ريم"، مما قد يعني أن "ريمة" تعني السامية أو المتسامية. يُلاحظ أيضاً أن العديد من الحصون والقلاع تحمل اسم "ريمة"، مما يشير إلى أن الاسم كان يستخدم للتبريك والاعتزاز، مثل "عزان" من "العز" و"نوفان" من "النيافة".

الموقع والحدود

تقع محافظة ريمة جغرافياً في وسط غرب سلسلة جبال اليمن الغربية المواجهة للبحر الأحمر، والتي تُعرف بجبال السراة. يحدها من الشرق والجنوب مديريات جبل الشرق وعتمة ووصابين من محافظة ذمار، ومديريات الحجيلة وبرع والسخنة وبيت الفقية من محافظة الحديدة. تبلغ الإحداثيات الجغرافية لمحافظة ريمة بين خطي طول 43.50 و44 شرقاً، وخطي عرض 14.36 و14.88 شمالاً. يحيط بها من ثلاث جهات وادي رمع وسهام، من الأودية التي تصب في البحر الأحمر.

المساحة والسكان

تُعتبر محافظة ريمة من أعلى المناطق الريفية كثافة بالسكان بسبب طبيعتها الجبلية ومساحات السفوح الواسعة. تبلغ مساحتها حوالي 2000 كم²، أي ما يعادل 0.37% من مساحة الجمهورية اليمنية. تختلف المساحة بين المديريات؛ فمديرية بلاد الطعام تتصدر القائمة بمساحة 422 كم²، تليها مديرية كسمة بمساحة 41 كم² بعد إنشاء مديرية السلفية، ثم مديرية الجبين بمساحة 350 كم²، ومديرية الجعفرية بمساحة 280 كم²، ومديرية مزهر بمساحة 260 كم².

يبلغ عدد سكان محافظة ريمة وفقاً لتعداد ديسمبر الماضي حوالي 395,076 نسمة، مما يمثل 2% من سكان الجمهورية اليمنية. يتوزعون على حوالي 52,243 أسرة، بمعدل 7.56 نسمة لكل أسرة، وهو معدل أعلى من المعدل العام للجمهورية البالغ 6.83 نسمة للأسرة. تسكن هذه الأسر في 56,409 مساكن، بمعدل 0.92 أسرة لكل مسكن، بينما المعدل العام للجمهورية هو 1.04 أسرة لكل مسكن. تعكس هذه الأرقام الزيادة في عدد الإناث والمساكن، وتبرز أن محافظة ريمة كانت طاردة للسكان بسبب ظروف عديدة أدت إلى مغادرتهم.

تختلف الكثافة السكانية بين المديريات، حيث تحتل مديرية الجبين المرتبة الأولى بعدد 88,789 نسمة، بينما تأتي مديرية بلاد الطعام في المرتبة الأخيرة بعدد 22,569 نسمة. تليها مديريات الجعفرية، مزهر، السلفية، وكسمة في المراتب من الثانية إلى الخامسة على التوالي.

تاريخ ريمة

أشار الهمداني إلى أن تاريخ ريمة يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، حيث كانت تُعرف بمخلاف جبلان، الذي يقع بين يشجب (مدينة الشرق حالياً) ومخاليف غربي ذمار. وقد لعبت ريمة أدواراً بارزة في تاريخ اليمن، ومرت بفترات تاريخية هامة خلال عهود الدول القتبانية والسبئية والحميرية، وحتى العصر الإسلامي والعصر الحديث. 

كشفت النقوش المكتشفة حديثاً في جبل الدومر بمديرية السلفية عن كون ريمة إحدى دويلات الدولة القتبانية، حيث كانت تحتوي على معابد وأماكن عبادة للإله عم. كانت المنطقة مطمعاً للقبائل اليمنية بسبب أراضيها الخصبة، ومدرجاتها الزراعية، وجبالها المكسية بالخضرة.

أهم الحصون والقلاع في ريمة

حصن قلعة المنتصر: يقع في مركز مديرية السلفية، عزلة بني نفيع، ويعود تاريخه إلى العام 1208هـ. يتكون من حصنين محاطين بسور، ويضم نوبتين للحراسة وحوضاً للماء. يحتوي أيضاً على 15 مدفناً لخزن الحبوب والمؤن وجامع بني في العام 1214هـ.

  • حصن مسعود: يقع شرق الجبين، ويتكون من ثلاثة أدوار محاطة بسور، ويحتوي على صهاريج ومدافن مياه، ويُستخدم لفوهات المدافع.
  • حصن اللمهيل: يقع في مديرية الجعفرية على قمة جبل اللمهيل. يتميز بفنه المعماري الأصيل ويطل على واديين، ويحتوي على مبنى كان يستخدم كمقر للحاكم، ويمثل منارة في الدفاع.
  • حصن غوران، حصن دنوة ببنى الضبيبي، حصن مشحم بني أبو الضيف، حصن الطويلة، حصن دار الجبل، بالإضافة إلى العديد من الحصون الأخرى في مديريتي كسمة والسلفية.

المواقع الأثرية

تتميز محافظة ريمة بوجود العديد من المواقع الأثرية، خاصة في مديرية السلفية مثل:
محل سبأ (قرية الحب): يعود تاريخه إلى عصور ما قبل الإسلام، ويحتوي على قبة مزخرفة بأحجار قديمة ونقوش مكتوبة بخط المسند.

  • جبل ذهبو: يحتوي على خرائب مدينة قديمة وأحجار جرانيت منحوتة.
  • جبل راعة: يتميز بخرائب قلعة حربية تعود إلى الفترة الأولى لحكم العثمانيين.
  • قرية المكتوب: تحتوي على صخرة كبيرة تحمل كتابات بلغة يمنية قديمة.

المواقع الطبيعية

تشمل المحافظة عدداً من المناظر الطبيعية الساحرة مثل:
جبل شرف: يقع في مديرية الجعفرية، ويتميز بأشجار المدرجة وأحجاره الغريبة.
شلال ضاحية الركب: يقع في مديرية الجعفرية، ويُعد من الشلالات الكبيرة والجميلة التي تتدفق مياهها من أعلى جبال الحدية.

تتمتع ريمة بموارد طبيعية وأثرية تجعلها وجهة سياحية محتملة إذا تم تطوير البنية التحتية اللازمة.
محافظة شبوة

الموقع الجغرافي

تقع محافظة شبوة في شرق العاصمة صنعاء، على بُعد نحو 458 كم منها، وتطل على البحر العربي. تمتد المحافظة بين خطي طول 46 و48 درجة شرقي غرينتش، وخطي عرض 14 و16 درجة شمالًا. تحدها من الشرق محافظة حضرموت، ومن الغرب أجزاء من محافظات مأرب وأبين والبيضاء، ومن الشمال أجزاء من حضرموت ومأرب وصحراء الربع الخالي.

المساحة والتضاريس

تقدر مساحة محافظة شبوة بحوالي 73,000 كيلومتر مربع، وتنقسم إلى عدة مناطق جغرافية رئيسية:

السهل الساحلي

يمتد بطول حوالي 230 كم، محاذيًا لساحل البحر العربي، بدءًا من حصن بلعيد في مديرية أحور غربًا، حتى نهاية ساحل امبح وبداية مديرية حجر شرقًا. يحتوي هذا السهل على موانئ تاريخية مثل ميناء قنا وميناء بلحاف، ويتميز بخلجانه وجزره السياحية والمياه الدافئة.
  1. سلسلة الجبال والمرتفعات:
  2. تشمل سلسلتين جبليتين بارزتين:
  3. سلسلة جبال الكور: بداية جبال السراة التي تمتد إلى الجزيرة العربية، تشمل مناطق مثل برو ودثينة.
  4. المرتفعات الشرقية: تبدأ من مديرية حجر وتضم أودية شهيرة مثل وادي عمقين ووادي سلمون.
الصحراء الشمالية

تمتد من أسفل جبال الكور وأودية مرخة ووادي بلحارث في بيحان إلى صحراء الربع الخالي، حيث تضم عدة مديريات مثل وهر وعرماء وجردان.

الأودية
تشمل أودية بيحان ومرخة وظراء وعبدان وعين ويشبم وحبان، وهي تتوزع في مختلف أنحاء المحافظة.
المناخ

يتميز بالمناخ الصحراوي الحار صيفًا، والمعتدل شتاءً مع ميل إلى البرودة. تسقط الأمطار في فصل الربيع والصيف.
السكان والنشاطات
بلغ عدد سكان المحافظة نهاية عام 2004 حوالي 466,889 نسمة. تنوعت أنشطتهم بين الزراعة وتربية الحيوان وصيد الأسماك والأعمال الخدمية والحرفية، بالإضافة إلى نشاطهم التجاري. كما يعمل جزء منهم في الدول المجاورة.

التقسيم الإداري

تتكون المحافظة من 17 مديرية:
مديرية عتق: العاصمة
مديريات أخرى: حبان، الروضة، ميفعة، رضوم، بيحان، عسيلان، عين، نصاب، مرخة، خورة، حطيب، جردان، عرماء، دهر، الطلح، مرخة العليا.

الآثار والمعالم السياحية

تضم شبوة مجموعة من المواقع الأثرية والسياحية البارزة، مثل:

  • مدينة شبوة القديمة، هجر الناب، مدينة تمنع، مدينة هجر كحلان، مدينة هجر الزرير، نقب الهجر، حجر أمذيب، هجر البربرة، ميناء قنا التجاري، حصن الغراب.
  • تتميز المواقع السياحية في شبوة بمناظرها الطبيعية الخلابة مثل شاطئ حصن الغراب في بئر علي، بحيرة شوران، وحمامات المياه المعدنية الساخنة في مدينة رضوم.

محافظة صنعاء
الموقع الجغرافي

تعد محافظة صنعاء من أهم المحافظات اليمنية، حيث تقع أراضيها على مرتفعات جبلية تحيط بالعاصمة صنعاء. تصل المرتفعات في المحافظة إلى 3700 متر فوق مستوى سطح البحر في جبل النبي شعيب، أعلى قمة في شبه الجزيرة العربية. تشتهر المحافظة بزراعة البن الحرازي والمطري والحيمي، بالإضافة إلى عنب بني حشيش ووادي ظهر وخولان.

التقسيم الإداري

تتكون المحافظة من 16 مديرية:
  1. مديرية أرحب: تقع في الجزء الشمالي وتتميز بطبيعة جبلية متنوعة.
  2. مديرية الحيمة الخارجية والداخلية: معروفة بزراعة البن والموز والعنب.
  3. مديرية بلاد الروس: ذات طابع جبلي مع تنوع في الارتفاعات.
  4. مديرية بني حشيش: تشتهر بالأراضي الزراعية والسلاسل الجبلية.
  5. مديرية بني مطر: تضم قمة جبل النبي شعيب.
  6. مديرية سنحان وبني بهلول: تقع في الجزء الأوسط من المحافظة.
  7. مديرية نهم: تقع في الشمال الشرقي وتتميز بالقمم الجبلية.
  8. مديرية همدان: منطقة شبه سهلية مع مرتفعات جبلية.
  9. مديرية خولان: تشمل 5 مديريات رئيسية وتتميز بوجود أودية وجبال مشهورة.
  10. مديرية صعفان: منطقة جبلية ذات تضاريس متنوعة.
  11. مديرية مناخة: تقع في الجزء الغربي وتحتوي على العديد من القرى والمحلات.

السكان والنشاطات

يبلغ عدد سكان المحافظة حوالي 918,379 نسمة حسب التعداد السكاني لعام 2003. تنتشر الصناعات الحرفية مثل صناعة الحلي والمقتنيات الفضية، وتعد مدينة الروضة عاصمة المحافظة في التقسيم الإداري الجديد.
تعليقات